والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
بسم الله الرحمن الرحيم
الصورة التكاملية للمنتظر في زيارة الاربعين
لقد تكفل الله عزوجل بتكامل الموجودات لانه الخالق المنعم المدبر اللطيف الخبير ، وهو الذي كتب على نفسه الرحمة وسبقت رحمته غضبه ، ولذلك نجد الموجودات كلها تعيش من فيض رحمته الرحمانية أو الرحيمية .. ولازالت الموجودات تتكامل منذ ان وجدت فمنها ما وصل الى حد تكامله ومنها لازال يسير في طريق التكامل .
ولكن انفرد الانسان بطريق التكامل وذلك بسبب القدرة الكبيرة للذات الانسانية للوصول الى ارقى واعلى المقامات وكذلك لاطلاق الطريق التكاملي فأن السير نحو المطلق سيرا يطوي الكثير من المسافات المادية والمعنوية وباستطاعة الانسان الارتقاء الى مراتب وجودية هائلة ..
الانسان بطبيعته موجود مفتقر وهذا الافتقار الذاتي يوجد فلسفة التكامل ولعل افتقار الانسان اكبر من افتقار الموجودات الاخرى لذلك كان تكامله اكثر ولعل الله سبحانه وتعالى قد جعل معادلة عكسية مفادها ان من اشتدت افتقاريته اشتد لبه للكمال واذا سعى لذلك واشتد جهده نال بذلك المراتب العليا، ومن هنا فأن الضرورة تقتضي التوجه والالفات واليقضة الى هذه النكتة التي تحمل فلسفة عظيمة جوهرها جوهر الانسانية جميعا .
ولعل السر في هذه القضية هي ناشئة من العبودية فكلما زادت العبودية للشيء كلما زدات مراتبه الوجودة قوة أو فعلا والعبودية في الانسان بسبب فقريته الكبيرة فأن العبودية فيه تشتد كثيرا وبالتالي تقوده الى تلك المراتب ولذلك ورد في الحديث مضمونه العبودية جوهرة كنهها الربوبية والربوبية جوهرة كنهها العبودية فما نقص في العبودية وجد في الربويبية وما خفي في الربوبية وجد في العبودية .
ونادرا ما تجد هناك معادلة ارتقائية كهذه في عالمنا المادي فاننا نجد الناس كلما ارتقوا في الماديات كلما ازدادات مكانتهم لدى الناس واحترمهم الناس وكذلك كل شيء يملك فهو متعال فلايوجد هناك مبدا التناقص يؤدي الى التعالي .
وعندما نلتفت الى المعراج الصلواتي نتقصى تلك الحركات والافعال والاقوال فكلها يستفاد منها التذلل والتخضع فاعلى مرتبة يصل اليها المصلي في الصلاة تكمن في السجود وينال بها اعلى المراتب والمقامات ، هذه الفعله كانت جبابرة قريش لاتتحملها فكيف يجعل جبهته على الارض تذللا ويرفع عجيزته هذا صعب بل مستحيل على من استكبر في الارض واختلطت روحه بالمادة وحدها .
الله سبحانه وتعالى اوجد للمسلم مواضع للتكامل فكانت الصلاة وكان الحج الاكبر وكانت الزكاة والخمس وكان الذكر ولكن هذا كله اصبح تائها وغير مقبول الا بشيء وهو الولاية لذلك لم يناد بشيء افضل من الولاية فبولاية اهل البيت يتكامل الانسان ويصل الى اعلى المراتب هذه الولاية تشكلت باشكال كثيرة ومتعددة منها البراءة من اعدائهم والتولي لاؤليائهم ومنها المتابعة للمعصوم بكل افعاله واقواله .
المسلم المؤمن له خصوصية عند الله فجعل له رحمة رحيمية تختص به فازداد اقباله على المستحبات ووجدت نفسه قريبا الى العبادات وروض نفسه في مخاضات العبودية حتى ارتقت روحه لتنال شيئا من الارتقاء فوجدت في هذه العبودية منال الراحة والطمأنينة رغم كل العواصف والامواج العاتية التي تأتيه من هنا وهناك ، ولعله يجد هذه الراحة وهذه الطمأنينة عندما يجد الفرج بعد الشدة وبعد الضيق الشديد ولعله يتساءل مالفرق بيني وبين غيري ، فنقول الفرق كبيرا وكبيرا جدا وهو ان ذلك الغير ربما لم يثبت ويصمد على دينه وانت ثبتت وصمدت ، والثاني انك وان كبوت ولكنك ترجع ورغم كل هذا فأنك تثاب وتقبل من الله عزوجل وأما الثواب الكبير والعظيم فعلمه عند الله عزوجل وهذا ما يفتقده الاخر .
كربلاء وخصوصية المنتظرين
المسلم يختلف عن المؤمن والمؤمن يختلف عن المؤمن المنتظر وهو يختلف عن المؤمن المنتظر المخلص وهو يختلف عن المؤمن المنتظر المخلص العامل .
هذه درجات مختلفة للمسلم وكل درجة منها لها مرتبة ولها مقام وكل مرتبة ومقام له رعاية خاصة وكل درجة تحتاج الى غذاء خاص لكي تستمر في سلم الرقي والتكامل .
فالمسلم تكفيه الواجبات بينما المؤمن تشمله مع الواجبات المستحبات والمؤمن المخلص مع المستحبات يترك المكروهات وبعض المباحات واذا انتقل الى مرحلة المؤمن المنتظر اصبح يدور في فلك الانتظار ولكنه لم يخرج الى دائرة التعامل مع الامام عليه السلام في صورة العامل والمؤمن المنتظر المخلص كذلك يكون له اخلاص لكن ليس بالضرورة ان يكون عاملا ولكن المقام الاخير وهو المقام الانتظاري الحركي هو الذي يكون في عرض حركة الامام عليه السلام ولكن ليس بمعنى الاطلاق وانما النسبية .
هذا المقام له خصائصه وصفاته التي تميزه عن غيره فهذا المقام يمتلك ما يلي:
1-
الالتزام بكل الواجبات والمحافظة على اكبر قدر ممكن من المستحبات والابتعاد عن المكروهات
2- امتلاك قدرا جيدا من المعرفة العقائدية والفقهية والاخلاقية والثقافة العامة ، معرفة بواقعه وعالمه المعاصر
3-يمتلك مراقبة عالية لكل حركاته وسكناته ويحافظ على وقته ويحدد اهدافه ويضع البرامج اللازمة لها ويحدد الاولويات ولايؤخر الملفات حتى تتراكم عليه
4-له انجذاب خاص يتمير به نحو امام زمانه عليه السلام ويتعرف على قضيته ومفرداتها بحيث لو سئل لاجاب بالقدر الجيد وبنفس الوقت له برنامجا عباديا معرفيا روحيا ومعنويا
5- الالتفات الكبير والدائم المتوجه نحو الحركة الانتظارية بحيث لايهدا ولايستكين ولاترقى له عين واذا وهم وضعف انتفض من جديد وهذه الحركة الانتظارية الكبيرة هي ما تميزه عن كل ما سبق من عناوين
6- له هموم غير هموم الاخرين فالكل مشغول ببناء الحياة والدنيا وهويهم ببناء التمهيد والتوطئة وله الام تختلف عن الام الاخرين وهي الام الانتظار والام الحركة الانتظارية وله قلق يختلف عن الاخرين فهو يقلق على امامه ويخاف عليه وهو يخاف على المسلمين والمؤمنين والمنتظرين ويخاف على قضية امامه
7-له مزاج خاص ومشاعر خاصة واحاسيس مختلفة تنبثق من الحركة الانتظارية وتسير وفق مسيرة الانتظار وتتوهج بوهج الانتظار وترتسم اطيافها بالوان الانتظار فيكون هذا الانسان رقيقا انتظاريا وقلبه حنونا بحنان الانتظار ورؤفا برأفة الانتظار .
هذه هي المميزات والخصائص تجعل له مبدءا ارتقائيا خاصا وحاجة خاصة ومصدرا خاصا وهذا ما تتوفر عليه زيارة الاربعين وخصوصا السير اليها مشيا على الاقدام ، هذا السير لاينسجم ولايتفاعل ولايرتقي ويكون جميلا الا في الاربعين فالكثير ساروا مشيا في زيارات كثيرة ولكن لم يكن مثل هذا هذا السير له نكهته وله لونه وطعمه وتفرده الاربعينية انبثقت من اعماق ثورة الحسين عليه السلام كأنها تريد ان تقول للسائر على قدميه ستجد كل شيء في كربلاء .
من المؤكد ان ليس كل السائرين يمتلكون نفس الرؤية ونفس التوجه ونفس التعامل الروحي والمعنوي مع هذا السير فالكل يطلب الكمال ولكن كلا بحسبه ، ولكن تبقى للمنتظر العامل المخلص خصوصية في طلب الكمال المرتجى من الاربعينية العظمى .
ماذا يطلب المنتظر العامل المخلص ..؟
نحن آنفا اجمالا خصائص المنتظر العامل المخلص بتلك الصفات والان نستطيع ان نجمل حاجة المنتظر العامل المخلص على ضوئها .
1-
فهو يريد من هذا السير ان يثبته على الواجب ويريد ان يجعل قلبه مستوعبا للواجبات بما ينفتح عليه عالم الغيب من الطاف وهذا ما جسده الحسين عليه السلام واصحابه في كربلاء بمحافظتهم على الصلوات والعبادة
2-ان الابتعاد عن الماديات والاقتراب من الحالة المعنوية العالية والروحية تجعل هذا الانسان ينفتح على عالم الملكوت وبالتالي يتسع قلبه للمعارف الالهية فتكون فرصة كبيرة لتوهج معرفي خاص
3-ان الاحتاك مع الاخرين يعطيه فرصة للتعارف ومعرفة الاخرين والتعرف على تجاربهم ومعلوماتهم وبالعكس فتكون الحركة المعرفية متسعة بالمستوى العرضي بالاضافة الى فتح فرص تنسيق مع هؤلاء المنتظرين لخدمة الامام عليه السلام
4-ان السير وسط هذه الزحمة والاحتكاك والتعرف على خدمة هؤلاء وتفانيهم من اجل خدمة الحسين عليه السلام من خلال خدمة زواره وسيما التعرف الدقيق على التفاصيل التي يمر بها هؤلاء تجعل من هذا درسا كبيرا وبليغا للمنتظر كي يتزود منهم جميعا لخدمة امامه عليه السلام بكل تواضع وقوة.
5-الاخلاق عامل مهم جدا ولعل السير والسفر يجعل من المنتظر في اختبار لهذه الاخلاق ومستواها ويجعل له مقياسا لمعرفة مدى انضباطه وصبره وقوته للتعامل الاخلاقي في هذا المعترك الكبير والتعلم من الاخرين
6-ان السير والالام والمعاناة التي سوف يتعرض لها هذا المنتظر يزيده قوة وعزيمة واصرارا لنصرة امامه فيجد نفسه لافقط يتحمل الالم بل هو يسحق فوق الالم لكي يمضي نحو الهدف وهو لقاء الامام المهدي عند جده الحسين عليه السلام
7- ان المغيب عن الاهل والمشقة في السير يجعله يلتفت الى مسير السبايا وعظم الامهم وكبر الجرم الذي وقع عليهم وبهذا السير يلتفت الى اهمية والتضحية من اجل الدين وستكون عنده هذه المسيرة هينة ولاشيء في قبال خسارة شيء من الدين،ولعله نحن لا نتذوق لذة التضحية بالنفس من اجل الدين الا حين الاستغراق بتلك التضحية ولكننا بما اننا في مسير وهو شبيه بمسير السبايا فهو يعينا ضوءا وشارة لتلك التضحية التي تتبلور فقط من خلال المسير .
8-هذه النقطة اعلاه تعطي للمنتظر قوة وعزيمة وارادة لاتلين حينما يرجع للعمل الانتظاري في واقعه قيزداد عملا وارتفاعا في المستوى العملي وهذا مما يجعل عمله الانتظاري اكثر بريقا وتميزا وتأثيرا في الواقع وهذا هو ما يريده الامام منه فترتفع نسبته العملية التي تقع في عرض حركة الامام عليه السلام .
9-يقينا سيكون له هما اخر وقلقا اخر وخوفا اخر اخذه من هذه الزيارة الفريدة في نوعها وبالتالي سيكون له مزاجا اخر ومشاعر اخرى وحب اخر وعشق اخر لامامه وكل هذا سينعكس على الواقع وسيجد نفسه منتظرا متميزا وعاملا ومخلصا
10
-ان واحدة مما تفرزه الاربعينية في سيرها وخصوصا أن هناك الارهاب الذي تربص بالمؤمنين هذه الحالة تجعل من هذا المنتظر يستهين بالموت بل هو ذاهب لمواجهته بكل قوة وبكل ارادة وبكل اطمئنان لانه سيكون شهيدا وما احلاها من شهادة تكون بين يدي الحسين عليه السلام وهي قمة السعادة ، هذه الحالة تجعل من المنتظر مشروعا استشهاديا في كل حالاته وفي كل تحركاته ويستهين بكل الارهاب وبكل المؤامرات التي تحاك له وبالتالي يسير في خطه الانتظاري مطمئنا قويا لايهاب الموت ولايخشاه ....
هذه الصور التكاملية يختص بها المنتظر العامل المخلص ومن زيارة الاربعينية يتزود بهذه الجواهر والألأ ويرجع من هذه الزيارة وقد اشرقت نفسه بشمس الحسين وبنور الحسين وبمعرفة الحسين وبقوة الحسين وبصبر الحسين وبأيمان الحسين فهل وجدتم ارتقاءا وتكاملا في شيء مثل الذي نراه في زيارة الاربعين لسيد شباب اهل الجنة الامام الحسين عليه السلام
والسلام عليك يامولاي في آناء ليلك وأطراف نهارك
كل ما يخص الامام المهدي ورد الشبهات عنه وذكر ادعيته وعلامات الضهور تجده هنا
الأحد، 15 يناير 2012
الصورة التكاملية للمنتظر في زيارة الاربعين (فلسفة التكامل)
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)