الأحد، 11 ديسمبر 2011

مرجعية الفقهاء المقدسة ... الطريق لمعرفة ونصرة الإمام المهدي عليه السلام

مرجعية الفقهاء المقدسة ... الطريق لمعرفة ونصرة الإمام المهدي عليه السلام

يتناول بحثنا هذا موضوعا حيويا مهما كان ولا يزال الخط المقدس الذي قاد المجتمعات واخذ بلبابها وامسك بأزمتها وحفظ لها دينها وأوصل لها علومها وأوضح لها إسفارها وبين لها الأدلة الشرعية التي تشمل العبادات والمعاملات وجميع شؤون الحياة ، وتصدر مراكز الإرشاد والتوجيه بالرغم مما واجه هذا الخط المقدس من محاربة من إبليس وجنوده على طول التاريخ لغرض تهميش دوره ووضع حد لتمسك المسلمين به لأجل إضعافهم وإذلالهم وحرفهم عن دينهم الذي ارتضاه الله عز وجل لهم ، ونقصد به خط الاجتهاد والمرجعية المقدس الذي يبقى مسلك أهل البيت عليهم السلام الذين دعوا له في كثير من وصاياهم وتوجيهاتهم ، وهو الخط الشريف الذي يحفظ للأمة كرامتها وهيبتها حتى ظهور الإمام الثاني عشر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.
وإذا علمنا أن القانون والدستور الإلهي لم يختص بزمان معين أو فترة محدودة بل يجب إمضاءه والعمل به وانجازه في كل زمان ومكان يتواجد ويعيش فيه المجتمع الإسلامي، والمهمة لإحلال وانجاز هذا القانون كما هو معروف تقع على عاتق الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله أو من نصَّ على خلافته له، وكما هو معلوم لدى الجميع أن الحاكم الشرعي المجعول والمنصوص عليه من قبل الله تعالى بعد رسول الله صلى الله عليه واله هو الإمام المعصوم الذي تتوفر فيه العصمة التكوينية ومؤهلات مواريث الأنبياء من حيث العدالة والتقوى والورع والعلم والإحاطة التامة بمفاهيم ومضامين الدستور الإسلامي المتمثل بالقرآن الكريم، ولم يعين الرسول الأكرم صلى الله عليه واله ويوصي بان الإمام علي بن أبي طالب خليفته من بعده فحسب بل أوصى وعين بوحي من الله سبحانه وتعالى أسماء احد عشر خليفة له من أبنائه بقيادة وتولي أمور المسلمين السياسية والدينية والاجتماعية على التعاقب وكان آخر هؤلاء الأئمة المنصوص عليهم هو القائم المهدي المنتظر عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف الذي غاب عن الأبصار غيبته الكبرى لظروف أوجبت ذلك وبعلم من الله تعالى ، وقام الإمام بإلغاء السفارة بعد موت السفير الرابع السمري ولم يعين من يقوم مقامه في توجيه المسلمين الموالين له أحداً في زمن غيبته عليه السلام ، غير انه منح الفقهاء صلاحية رواية الحديث واستنباط الأحكام الشرعية مما أطلق عليهم بعد ذلك (النيابة العامة) في عقائد الشيعة الإمامية .
فإذا تمكن الشيعة الموالون له من إيجاد الأرضية والوسيلة في زمن غيبته وهو خلق الفقيه المجتهد فانه سيكون حاكمها ومسير أمورها والناهض بأعبائها وتكون له مهمة التصدي لمقام المرجعية بما كلفهم الله من اخذ الحقوق وحل النزاعات وفك الاختلافات وحماية الإسلام والحفاظ عليه من التحريف والتشويه لئلا يندرس بمرور الزمن وتزول آثاره ، ثم الدفاع عن المجتمع الإسلامي إذا ما تعرض لعدوان المعتدين .

لماذا الفقهاء العدول :
إذن مما تقدم نفهم أن مهمة التصدي للمرجعية في زمن غيبة المعصوم تكون في عهده الفقهاء العدول وعلى عاتقهم تقع أعباء التوجيه والإرشاد وصدور الفتاوى الشرعية التي تشمل العبادات والمعاملات وجميع شؤون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وقد أشار السيد الشهيد محمد صادق الصدر قدست نفسه الزكية في كتابه ( الغيبة الصغرى ) إلى ضرورة وجود القيادة العلمائية في زمن الغيبة، وذكر بعض أدلتها الواردة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام فقال : ( إعطاء القيادة العامة في زمن الغيبة إلى العلماء بالله ، الذين يمثلون خط الإمام عليه السلام ذلك المفهوم الذي أعطاه الإمام الصادق عليه السلام صيغته التشريعية بقوله : ( ينظران من كان منكم ممن روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً، فاني قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد( )والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله ).
أوضحه وأعطاه صيغته الاجتماعية الكاملة الإمام الهادي عليه السلام حين قال لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله , والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب , لما بقي احد إلا ارتد عن دين الله ...ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء شيعتنا كما يمسك صاحب السفينة سكانها , أولئك الأفضلون عند الله عز وجل )( ) ، والأساس العام الذي تقوم عليه هذه البيانات هو أن المسلمين الممثلين لخط الأئمة عليهم السلام وقواعدهم الشعبية الكبرى يجب أن لا تبقى في زمن الغيبة وانقطاع القيادة المعصومة ومصدر التشريع خالية من المرشد والموجه والفكر المدبر يعطيهم تعاليم دينهم ويرتقي بمستوى إيمانهم وعقيدتهم ,ويشرح لهم إسلامهم ,ويوجههم في سلوكهم إلى العدل والصلاح ورضا الله عز وجل, فان هذه الجماهير – أن لم يكن الأكثر – من يكون ضعيف الإيمان والإرادة ويحتاج في تصعيد مستواه الروحي وعمله الإيماني إلى مرشد وموجة , وإلا كان لقمة سائغة لمردة إبليس وشباكه من أعداء الدين والمنحرفين وذوي الأغراض الشخصية والمصالح الظالمة ( ).
الصيغة التشريعية والصيغة الاجتماعية:
مما تقدم نفهم أن الأئمة عليهم السلام قد أعطوا للقيادة العلمائية الصيغة أو المؤيد التشريعي والصيغة أو المؤيد الاجتماعي والأئمة عليهم السلام أعطوا هذه الصيغ والمؤيدات للعلماء من مضامين الدستور الإلهي المتمثل بالقرآن الكريم حيث قول الله سبحانه وتعالى من الناحية التشريعية (وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)( ).
وقوله تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)( ).
وبطبيعة الحال وأثناء عصر الغيبة الطويل سوف يتعرض الدين للتشويه والتحريف وذلك الركام المتناثر من الروايات ومما يشوبها من غموض وابتعادنا تدريجيا عن عصر النص , وظهور ضعاف النفوس والمدعين المنحرفين والهجمات الثقافية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمع الإسلامي في كل حين مما تؤدي كل تلك العوامل إلى تقوية شوكة النواصب وإضعاف الشيعة الموالين ، فهنا يأتي دور الفقيه والمرجع للذود عن حياض الإسلام والدفاع عنه فهو على أية حال النائب العام للإمام المعصوم وملزم ومكلف في عصر غيبته ، فلذلك أول وظيفة له كما وصف ذلك الإمام الهادي علية السلام بقوله من العلماء الداعين إليه والدالين عليه) فهو إذن المرجع والعالم الفقيه يدعو للإمام من بدفاعه عن الإسلام والمذهب الشريف بكونه الوكيل العام ويدل عليه حيث يمهد لظهوره عجل الله فرجه الشريف الأسباب والعوامل وكذلك يدافع ويذب عن دين إمامه بالحجج الدامغة لإنقاذ ضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب للحول دون ارتداد الناس عن دينهم بسبب كما قلنا الهجمات الفكرية المنحرفة والتي تحاول تشويه صورة الإسلام وتهديم معالمه الشامخة وإطفاء أنواره الطاهرة، فهو المرشد والموجه والفكر المدبر وعلى المسلمين أن يطيعونه.

شرائط المجتهد الفقيه:
الشارع المقدس لم يشذ عن هذه السيرة والقاعدة والطبيعة الاجتماعية العامة , بل أمضاها وأقرها, ولذلك لم يكلف كل إنسان بالاجتهاد والمعرفة التفصيلية لكل ما يمت إلى شؤونهم الدينية ، بل جعله على بعض الناس فكان وجوب الاجتهاد على نحو الوجوب الكفائي.
فمبدأ الاجتهاد والتقليد هو التطبيق المناسب للطبيعة البشرية التي تقتضي توزيع الأعمال على هذه المجموعة من البشر ليكون في كل مكان من يقوم بدوره فيما تخصص من الحرف والصناعات، وبهذا يحصل التكافل والتكامل في النظام الاجتماعي البشري فضلا عن تكامل الفرد وحفظه لان هذا التقليد هو الصحيح عقلاً وشرعاً حيث أن تقليد وتحميل المجتهد مسؤولية الرأي والحكم الذي أصدره واتبعه الإنسان العامي هو باعتبار أن المجتهد من ذوي الاختصاص والمعرفة( ) ، ويشترط في المجتهد الفقيه بعد الإيمان والعقل والبلوغ والذكورة وطهارة المولد، العدالة والاجتهاد المطلق والحياة والاعلمية.
والمراد بالأعلمية هي الإحاطة التامة بالفقه والأصول والعلوم والمعارف الإسلامية بصورة عامة واستيعاب الأحكام الشرعية ومشتقاتها وفهمها فهماً دقيقاً يمكنه من تطبيقها على موضوعاتها بدون تلكؤ أو اضطراب بصورة خاصة.
ونعني بالاجتهاد وهو النظر في الأدلة الشرعية لاستنباط وتحصيل الأحكام الفرعية التي جاء بها الإسلام والمتعلقة بكافة شؤون وحياة الناس في مجالات المعاملات والعبادات وتنظيم العلاقات الفردية والاجتماعية.
وإذا ما واجه المرجع المجتهد مسائل مستحدثة ومستجدة فتكون مهمته استنباط أحكامها من الأدلة الشرعية وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأحاديث أهلُ البيت عليهم السلام والإجماع والعقل، ولا يجوز له مطلقاً العمل وفق رأيه
الخاص أو بالقياس والاستحسان ، والعمل بحلال محمد صلى الله عليه واله والذي هو حلال إلى يوم القيامة وتحريم حرام محمد صلى الله عليه وآله لأنه حرامه حرام إلى يوم القيامة.
وتعني العدالة هي أن يكون المرجع شيعياً أثنى عشرياً يعتقد بولاية أهل البيت عليهم السلام وبعصمتهم المطلقة وتمسكه بهذه العقيدة ولا ينحرف عنها ولا يرتكب المعاصي بترك الواجبات وفعل المحرمات بدون عذر شرعي معقول ولا فرق في المعاصي بين الصغيرة والكبيرة وان يكون عادلاً في تطبيق الأحكام وتوزيع الحقوق.
والعدالة هي ملكة راسخة في نفس المرجع تحثه على ممارسة الطاعات والمداومة عليها وتمنعه من ارتكاب المعاصي، وهذا السلوك النفسي تترك آثارها الايجابية على مجمل سيرة هذا المرجع وتضبط جميع تصرفاته وأقواله بالضوابط الشرعية وهي لا تكتسب بصورة مفاجئة بقدر ما تأتي نتيجة ممارسة العبادات الواجبة والمستحبة والرياضيات الروحية باستمرار حتى يكون في درجة القرب من الله تعالى والانغمار في ملكوت الله سبحانه وتعالى ، ويجب أن يكون المرجع اعرف الناس بأهل زمانه كي يتمكن من حل جميع مشاكلهم ويرد على ما ينطرح من أفكار منحرفة وضالة وأفكار المناوئين بالعلم والحجج القاطعة ( فليس الحاكم المجتهد الجامع للشرائط مرجعاً في الفتيا فقط بل له الولاية العامة، فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضاء، وذلك من مختصاته لايجوز لأحد أن يتولاها دونه كما لايجوز إقامة الحدود والتعزيرات إلا بأمره وحكمه )( )، ويرجع إليه أيضا في الأموال التي هي من حقوق الإمام ومختصاته وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام عليه السلام للمجتهد الجامع للشرائط ليكون نائباً عنه في حال الغيبة ولذلك يسمى ( نائب الإمام ) ( ) .

غاية الاجتهاد :
الاجتهاد هو مصطلح جاء أو ظهر كردة فعل على الاتجاه الذي يتبنى الاستحسان والرأي في استنباط الأحكام الشرعية، واستمر هذا المصطلح إلى يومنا هذا.
وفي الحقيقة أن الاجتهاد مرتبة علمية كبيرة يقع على حاملها مسؤولية الاطلاع على كل حاجات المجتمع والفرد من الأحكام الشرعية وبذلك يتحمل المجتهد مسؤولية مواكبة العصر والمرحلة التي يعيشها وتستدعي منه تلبية كل شؤونها الشرعية.
ويبقى الهدف الرئيسي لحركة الاجتهاد تمكين المسلمين من تطبيق النظرية الإسلامية للحياة، لان التطبيق لايمكن أن يتحقق ما لم تحدد حركة الاجتهاد معالم النظرية وتفاصيلها , وكل هذا ساعد على تحويل حركة الاجتهاد عند الإمامية إلى حركة مجاهدة في سبيل حماية الإسلام وتثبيت دعائمه ودعوتها إلى تطبيق الإسلام على كل مجالات الحياة، وكان من الطبيعي نتيجة لذلك أن توسع نطاق أهدافها وتبدأ بالنظر إلى مجالي التطبيق الفردي والاجتماعي معاً، وهذا ما نلحظه بوضوح في الواقع المعاصر لحركة الاجتهاد عند الإمامية وما تمخض عنه من محاولات التعبير عن نظام الحكم في الإسلام وعن فلسفة المذهب الاقتصادي لدى الإسلام ونحو هذا وذاك من ألوان البحث الاجتماعي في الإسلام.

لمحة تاريخية :
من الواضح في النصوص الواردة عن أهل البيت عليهم السلام إن الاجتهاد مما ورد منهم هذا أولاً.
والشيء الثاني دواعي الحاجة آنذاك لاستنباط الأحكام الشرعية إما جهلاً بالحكم أو لعدم ورود نص محدد يعين الحكم فضلاً عن بداوة الحياة آنذاك، ووجود الاتجاهات المعادية التي تحاول فرض نفسها وتهميش مذهب أهل البيت عليهم السلام، وقد ظهرت مدارس عديدة ثبتت أصولا وقواعد غير شرعية لتحديد الحكم الشرعي، يقال أن أبو حنيفة لم يثبت لديه أكثر من خمسة عشر حديثاً، وبإزاء واقع كهذا كان يستكمل بقية الفراغات والمسائل العالقة لديه بممارسة القياس، مع إن نظرية القياس في الحقيقة نابعة من عدم كفاية الكتاب والسنة في سن الأحكام وهذا الفهم غير سليم على الإطلاق لان القرآن والسنة المطهرة لم يتركا شيئا أو واقعة إلا وكان لها حكم ( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا )، وهذا القول صادر من الإمام المعصوم كما يدل على الرجوع إلى رواة الحديث وينحصر على المستوى العالي والرفيع من التفكير الفقهي المميز القادر على استنباط الحكم الشرعي، وهكذا نجد أن حركة الاجتهاد تطورت بعد الغيبة وأصبحت ذا قيمة كبرى فيها مدارسها وفقهائها ترسخت داخل المجتمع وثبتت جذورها ، إذ كتب المحقق المتوفي سنة (676) في كتاب المعارج وتحت عنوان حقيقة الاجتهاد يقول : ( وهو في عرف الفقهاء بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية )، وهذا يعكس التطور التاريخي.

أدلة الاجتهاد الشرعية :
يعتقد الإمامية أن الاجتهاد في الأحكام الشرعية واجب بالوجوب الكفائي على جميع المسلمين في عصور الغيبة، وهذا الاعتقاد ناتج من الروايات الدالة عليه قول الإمام الصادق عليه السلام , عندما سأل عن شخصين تحاكما إلى السلطان فأجاب عليه السلام : ( ينظر من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا .... قد جعلته عليكم حاكماً ) .
وعن أبي خريجة قال : بعثني أبا عبد الله الصادق عليه السلام إلى أصحابنا فقال عليه السلام : قل لهم إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو نزاع في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى احد من هولاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلاً ممن قد عرف حلالنا وحرامنا فاني قد جعلته عليكم قاضياً، وإياكم أن يتخاصم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر، وهنا ومن كلام الإمام نلاحظ عدة أمور:-
1. إن الإمام يمهد للحاكم الشرعي بين المسلمين لكي يتخاصم إليه الناس في قضاياهم اليومية التي تحدث عادة وحذرهم من التخاصم إلى السلطان الجائر بالرغم من وجوده بينهم عليه السلام .
2. إن الإمام يدعو المسلمين من خلال مضمون كلامه إلى التفقه في الدين ومعرفة الحلال والحرام وبذلك نال هذا الفقيه العارف مرتبة القاضي بإقرار من الإمام عليه السلام في قوله ( فاني قد جعلته عليكم قاضياً ).
3. إن الإمام ارجع الناس إلى الفقيه الورع الذي عرف الحلال والحرام ولم يرجعهم إلى غيره وهذا دليل آخر على منزلة العالم والمجتهد وذلك أن كل إنسان يستطيع التصدي لكل المنازعات التي تحدث بين أبناء المسلمين كما في حالة المنازعات بين أبناء العشيرة حيث يتصدى رئيس العشيرة لهذه الأمور، ولكن لا يستطيع أي إنسان أن يقول أنا فقيه مجتهد بدون دليل علمي ، فعلى هذا فان الحل يكون أكثر صواباً وصحة عند الفقيه من غيره من الناس، وكذلك ما ورد عن معاذ بن مسلم النحوي عن الإمام الصادق عليه السلام انه قال : ( بلغني انك تقصد الجامع فتفتي الناس، قلت نعم وأردتُ أن أسالك عن ذلك قبل أن اخرج، إني اقعد في المسجد فيجيئني الرجل فيسألني عن الشيء فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يفعلون ويجيئني الرجل اعرفه بمودتكم وحبكم فاخبره بما جاء عنكم ويجيئني الرجل لا اعرفه ولا ادري من فأقول جاء عن فلان كذا وجاء عن فلان كذا، فادخل قولكم فيما بين ذلك فقال عليه السلام : (اصنع فاني كذا اصنع)، وكذلك ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام يقول لأبان بن تغلب : ( اجلس في المسجد وافتِ الناس فاني أحب أن يرى في شيعتي مثلك ). وما ورد عن الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف : ( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا )، وما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : ( إذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس وأومأ إلى رجل، فسالت أصحابنا فقالوا : زرارة بن أعين ).
وفي رواية احمد بن إسحاق عن الإمام الهادي عليه السلام قال سألته وقلت من أعامل وعمن اخذ معالم ديني وقول من اقبل فقال عليه السلام : ( العمري ثقتي فما أدى إليك فعني يؤدي وما قال لك فعني يقول فاستمع له وأطع فانه الثقة المأمون ) .
فهذه بعض الروايات الشريفة التي تبين أهمية الاجتهاد وأما ما ورد في الذكر الحكيم قوله تعالى : ( وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
وقوله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة لولا نفرٌ من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) .
ومن الأدلة الأخرى :
أ‌. الوجوب المقدمي العقلي .
ب‌. الوجوب المقدمي الشرعي .
ت‌. العقل ووجوب دفع الضرر .
ث‌. الفطرة ووجوب دفع الضرر .
ج‌. الإجماع .
ح‌. سيرة المتشرعة .
خ‌. السيرة العُقلائية وطبيعة المجتمعات البشرية .
إضافة إلى ذلك فان حركة الاجتهاد وخط المدرسة الشرعية الفقهية في الواجهة التي تنتج الزعامات الشرعية للأمة في عصر الغيبة، ولا يمكن أن تنوب عن ذلك أية جهة أخرى لان الملاك الشرعي للحاكمية الإسلامية هو ملاك قوة الاستدلال الفقهي وعمقه أو ما يعرف بالأعلمية في دائرة الحوزة العلمية والذي يعرف الآن بالمرجعية .
قيادة المجتهد للأمة :
إن ذروة التكامل في حركة الاجتهاد فقد تمثلت بمرحلة القيادة حينما دخلت الأمة في عصر الاستعمار حيث رصد تحول وتطور في كيان الحوزة في هذا العصر لان هذا الكيان الذي كان قد أصبح كيانا مركزيا يستقطب أنظار العالم الشيعي بدأ بتسلم زمام القيادة ويدخل الصراع ضد الكافر المستعمر ويتبنى مصالح المسلمين ويدافع عنهم وهكذا بدأ هذا الكيان مرحلة أخرى هي مرحلة القيادة زيادة على استقطابه وتمركزه, وفي الحقيقة أن كيان الحوزة العلمية هو تعبير للتاريخ الشيعي في عصر الغيبة والامتداد الواقعي الذي حافظ فيه المذهب على أصوله وفروعه وإسفاره وهذه المحافظة استدعت أنهار من الدماء الطاهرة وأحدث الكثير من المواجهات في شتى أنحاء الحياة، وكانت هذه المواجهات في التاريخ تعبير عن أصالة المرجعية وعمقها الرسالي والفكري والشرعي والتاريخي .
وقد اتخذ التكامل في المرجعية طريقه رغم الظروف القاسية والمريرة فظهرت المرجعية الموضوعية ، وأهم ما يميزها تبنيها للأهداف الحقيقية التي يجب أن تسير المرجعية من اجلها وفي سبيل تحقيقها خدمة للإسلام، وما دامت الأمة في حالة الارتقاء والوعي الذي يؤهلها أن تدرك الإسلام بوصفه رسالتها الحقيقية في الحياة فان المرجعية ستنحوا الطريق الذي يحقق للأمة أهدافها وغاياتها.

الاجتهاد والطريق الأقرب :
لقد أسهبنا كثيراً عن الاجتهاد في هذا البحث ولا بأس أن نوسع الدائرة قليلاً حتى نبين سؤالا مهما هو: كيف يكون طريق الاجتهاد هو الطريق الأقرب لمعرفة الإمام عليه السلام؟؟
إن الاجتهاد كمفهوم هو استفراغ الطاقة وبذل الوسع في العمل ، وبهذه المناسبة يقال لمن بلغ مرتبة سامية ودرجة رفيعة ! المجتهد حيث يستفرغ طاقته ويبذل وسعه في سبيل تحصيل ملكة الاستنباط , إما اصطلاحاً أي في لسان أهل الشرع والمتشرعة فانه مختص ومعين لخصوص الملكة التي بها يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية الفرعية ويستفرغ الوسع لاستخراج كل حكم فرعي من أصله، فهي المدار والمحور والقطب في تحقق الاجتهاد وهذه الملكة هي قوة تحصل بعد القدرة الكاملة، والإحاطة البالغة على جميع منابع الأحكام ومدارك الاجتهاد من علم اللغة والصرف والنحو والمعاني والبيان والمنطق والكلام والتفسير والحديث والرجال ، وعلم الأصول الذي لا غنى عنه بشيء منه إذ هو الأصل في الفقه ، وكل الصيد في جوف الفراء كما يقال.
وان الأصل في هذه المقامات هو لطف الذوق وصفاء القريحة وهي موهبة ومنحة إلهية من قبل الله عز وجل فهي أنوار يهبها الباري عز اسمه لمن يشاء من عباده.
( العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ) وإلا لهذه العلوم مراحل شاسعة، وأودية واسعة لا ساحل لها، فان الإنسان كلما ازداد اتساعاً بها ومزاولة ومداومة، ازداد تضلعاً ورسوخاً في معرفة الخواص والمزايا منها.
كما أن الفقيه المجتهد في عصر الغيبة بالقدر المتيقن هو المتصدي لمنصب قيادة الأمة بمقتضى أدلة كثير ومنها قاعدة اللطف الإلهي لان من شأن المولى الخالق العادل الرحيم الحكيم التصدي لحفظ النظام المادي والمعنوي بسن القوانين وإيصالها عن طريق الرسل والأئمة عليهم الصلاة السلام بتبليغها وتطبيقها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحفظ النظام الاجتماعي العام، وفي عصر الغيبة يحكم أيضا بان المولى سبحانه وتعالى لا يترك العباد بدون لطف ورعاية وبدون توجيه ونظام كالبهائم، فان هذا خلاف الحكمة الإلهية وخلاف كون حلال محمد صلى الله عليه وآله حراماً إلى يوم الدين وخلاف كونه صلى الله عليه وآله أرسل رحمة للعالمين , والمجتمع في عصر الغيبة جزء من العالم الذي تشمله الرحمة، وقد دلت العديد من الآيات والروايات على إن الناس إلى يوم القيامة مشمولون بالرعاية والرحمة الإلهية وان ما فعله النبي الأكرم صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام يكون لجميع الأمم ونحنُ من هذه الأمم فإذا كان النبي والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين يتصدون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رحمة بالأمة فكيف لا تدركنا هذه الرحمة فيما إذا قلنا بعدم وجود البديل الذي يتصدى لذلك الفعل كما كان يفعله المعصومون عليهم السلام فمن العدالة الإلهية أن تشملنا الرحمة والعطف الإلهي كما شمل الناس في عصر الحضور والقدر المتيقن الذي يتصدى لهذا الأمر وتقع عليه المسؤولية العامة هو الفقيه الجامع للشرائط فإذا تحقق هذا المنصب وجب على الناس إطاعته ولجميع المزايا والمقامات التي يتصف بها المجتهد فانه بالتأكيد يكون الدليل الذي يرجع إليه الناس في جميع مختصاتهم وأحوالهم والحوادث الواقعة ومنها قضية الإمام القائم عجل الله فرجه الشريف .
فان من المعروف أن المجتمع تستبيحه غزوات فكرية وأفكار ضالة ومنحرفة ويتعرض لشتى أنواع وألوان الفتن فلمن يرجع الناس في هذه الأمور ليعطيهم الجواب الصحيح ويرشدهم إلى الطريق القويم سوى الفقيه الجامع للشرائط .
فان الفقيه الجامع للشرائط صاحب البحث الأصولي يستطيع بسهولة تمييز الدعاوى الباطلة والكاذبة من الدعوة الصحيحة فلذلك يكون هو الطريق ليس الأقرب إلى الإمام فحسب بل لمعرفة الإمام عجل الله فرجه الشريف فيما لو أذن الله له بالظهور، نعم هذا هو طريق المعصوم سلام الله عليه .
لان المعصوم لم يسن لنا طريق غير هذا الطريق، طريقا واحدا هو طريق الاجتهاد ولو سن طريقاً آخر لاتبعناه , فقد ارجع الأئمة من أهل البيت عليهم السلام إلى أفراد من أصحابهم كمحمد بن مسلم ويونس بن عبد الرحمن وأمثالهم، وأيضاً عموميات قولهم عليهم الصلاة والسلام، انه حجتي عليكم , ومنها عموم قوله ( فللعوام أن يقلدوه ) .
يضاف لكل ذلك الإجماع فكاد أن يكون الأمر فوق ذلك إلى حد يكون من ضروريات الدين ، وأما العقل فلأن وجوب تحصيل الواقع على كل مكلف بالعلم أو العمل يستلزم العسر والحرج بل اختلال في النظام مع التسليم بخلاف ذلك ولو تنزلنا للمدعين بان هناك خطوطاً أخرى غير خط الاجتهاد ( أي افتراض إن المعصوم قد سن خطاً آخر غير الاجتهاد والتقليد )، فان ضعف دليله إلى درجة تجعلهم بمنزلة العدم أمام قوة أدلة الاجتهاد المتواترة.
كما إن سيرة علمائنا الأفاضل على طول الخط هي سيرة الاجتهاد والتقليد والقول بخلاف ذلك يعني إبطال جميع المرجعيات الدينية بما فيهم السفراء الأربعة.
لان منصب السفارة في أيام السفراء أي في زمن الغيبة الصغرى لم يدعو أي شيء غريب ومخالف للعقل والفطرة الإنسانية لم يدعو أنهم رسل أو أنهم أولاد الإمام وإنما كان وضعهم مجرد قناة وحلقة وصل بين الأمة وإمامهم بالرغم من أنهم تحملوا أعباء هذا المنصب بتوصية فعلية من الإمام .
أن ما نراه اليوم من المدعين المنحرفين الذين يحاولون تحريف الكلم عن مواضعه وتشويه الصورة القدسية للإمام عجل الله فرجه الشريف ، إنما أحدثوا انقلاباً في مفهوم الوصاية أو نائب الإمام ولم يكن هذا النظام الذي ابتدعوه اليوم بنفيهم لمبدأ الاجتهاد والتقليد ، لم يكن حجة ولن يصبح حجة في يوم من الأيام ....

قائمة بأسماء شهداء الثورة البحرانية – 50 شهيد

قائمة بأسماء شهداء الثورة البحرانية – 50 شهيد
1- الشهيد علي عبدالهادي المشيمع
2- الشهيد فاضل سلمان المتروك
3- الشهيد محمود احمد مكي ابو تاكي
4- الشهيد علي منصور خضير
5- الشهيد عيسى عبدالحسن
6- الشهيد علي احمد عبدالله المؤمن
7- الشهيد عبدالرضا محمد حسن بوحميد
8- الشهيد علي ابراهيم الدمستاني
9- الشهيد احمد فرحان ال فرحان
10- الشهيد Aklas Miah
11- الشهيد Steven Ebrham
12- الشهيد احمد عبدالله حسن العرنوط
13- الشهيد جعفر عبدالله معيوف السماك
14- الشهيد جعفر محمد عبدعلي
15- الشهيد عيسى رضي ال رضي
16- الشهيد عبدالرسول حسن علي الحجيري
17- الشهيد جواد محمد علي كاظم الشملان
18- الشهيد بهية عبدالرسول العرادي
19- الشهيد هاني عبدالعزيزي عبدالله شرارة
20- الشهيد عبدالعزيز جمعة عياد
21- الشهيد عيسى محمد علي عبدالله
22- الشهيد سيد احمد سيد سعيد شمس
23- الشهيد حسن جاسم محمد الفردان
24- الشهيدة خديجة ميرزا ال عبدالحي
25- الشهيد السيد حميد ابراهيم محفوظ الساري
26- الشهيد علي عيسى صقر
27- الشهيد زكريا راشد حسن العشيري
28- الشهيد كريم فخراوي
29- الشهيد عزيزة حسن خميس
30- الشهيد الحاج حسن الستري
31- الشهيد زينب علي التاجر
32- الشهيد مجيد احمد محمد
33- الشهيد جابر ابراهيم العلويات
34- الشهيد سلمان عيسى ابو دريس
35- الشهيد محمد عبدالحسين فرحان
36- الشهيد السيد عدنان السيد أحمد السيد حسن الموسوي
37- الشهيد زينب حسن أحمد آل جمعة
38- ال?شهيد عيسى احمد الطويل
39- الشهيد علي جواد أحمد الشيخ
40 - الشهيد السيد جواد أحمد هاشم
41- الشهيد جعفر حسن يوسف
42- الشهيد جعفر لطف الله
43- الشهيد أحمد جابر القطان
44- الشهيد علي حسن الديهي
45- الشهيد علي يوسف علي حسن إبراهيم بداح
46- الشهيد عبد النبي كاظم العاقل
47- الشهيد رياض عبد الله راشد
48- فاطمة السيد تقي السيد حسن الموسوي
49- الشهيد أحمد إبراهيم المدني
50- الشهيدة زهرة صالح محمد

Z3 ثأر القائم للحسين عليهما السلام

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



ثأر القائم للحسين عليهما السلام

يا لثارات الحسين
ويستفاد من مجموعة من الأخبار انّ من الأهداف العظيمة والفوائد الجليلة لظهوره عليه السلام هو الثأر والانتقام من قاتلي جدّه عليه السلام، بل من ذريّتهم، ويشفي قلوب المؤمنين، بل انّ حزن الملائكة لا ينقطع الّا في ذلك اليوم.

روى الشيخ العياشي عن الامام الباقر عليه السلام انّه قال:نزلت هذه الآية في الحسين عليه السلام ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يسْرِف فِى الْقَتْلِ﴾ قاتل الحسين ﴿اِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ هو الحسين بن علي عليهما السلام قتل مظلوماً ونحن أولياؤه، والقائم منّا إذا قام طلب بثأر الحسين فيقتل حتّى يقال قد أسرف في القتل.

وقال: المقتول الحسين عليه السلام، ووليّه القائم، والاسراف في القتل أن يقتل غير قاتله ﴿انّه كان منصوراً﴾ انّه لا يذهب من الدّنيا حتى ينتصر برجل من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، يملأ الأرض قسطاً وعدلا، كما ملئت جوراً وظلماً ".

وروي في تفسير علي بن ابراهيم انّه قال: " ﴿اذن للَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظَلَمُوا وَاِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِير﴾... نزلت في القائم إذا خرج يطلب بدم الحسين عليه السلام.

وعن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في الحسين عليه السلام: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل " قاتل الحسين " انّه كان منصوراً " قال الحسين عليه السلام ".

و عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليّه سلطاناً فلا يسرف في القتل انّه كان منصوراً " قال: هو الحسين بن علي عليه السلام قتل مظلوماً ونحن اولياؤه.

وروي في غيبة الفضل بن شاذان انّ شعار اصحابه عليه السلام: " يا لثارات الحسين ".

وقد ذكر في احدى الزيارات الجامعة.
السلام على الامام العالم الغائب عن الأبصار، والحاضر في الأمصار، والغائب عن العيون، والحاضر في الأفكار، بقيّة الأخيار، وارث ذي الفقار، الذي يظهر في بيت الله الحرام ذي الأستار، وينادي بشعار يا لثارات الحسين، أنا الطالب بالأوتار، وأنا قاصم كلّ جبار ".

وروى الشيخ البرقي رحمه الله في كتاب (المحاسن) وابن قولويه عليه الرحمة في كامل الزيارة عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال: " وكّل الله تعالى بالحسين عليه السلام سبعين ألف ملك يصلون عليه كلّ يوم، شعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شاء الله، يعني بذلك قيام القائم عليه السلام.

والفضل بن شاذان عن الامام الصادق عليه السلام في حديث طويل، وفيه صفة اصحاب المهدي عليه السلام، قال عليه السلام: "... ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا سار الرعب امامهم مسيرة شهر، يمشون.

وروى الشيخ الصدوق في الأمالي عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال: " لمّا ضرب الحسين بن علي عليه السلام بالسيف، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى مناد من قبل ربّ العزّة تبارك وتعالى من بطنان العرش، فقال: ألا أيّتها الأمة المتحيّرة الظالمة بعد نبيّها لا وفّقكم الله لأضحى، ولا فطر، قال: ثم قال أبو عبد الله: لا جرم والله ما وفقوا، ولا يوفقون أبداً حتى يقوم ثائر الحسين عليه السلام.

وروى أيضاً عن أبي الصلت الهروي انّه قال: قلت لأبي الحسن الرّضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصّادق عليه السلام انّه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائها؟ فقال عليه السلام: هو كذلك، فقلت: وقول الله عزّوجل ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةَ وِزْرَ اُخْرى﴾ ما معناه؟ قال: صدق الله في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم، ويفتخرون بها، ومن رضي شيئاً كان كمن أتاه، ولو انّ رجلا قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل بالمغرب لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل، وانّما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.

وفي زيارة عاشوراء تكرّر الطلب من الله تعالى للثأر لسيد الشهداء عليه السلام مع امام ظاهر ناطق مهديّ منصور من آل محمد عليهم السلام.

وتكرّر من الائمة وأصحابهم التعزية بالنثر والنظم لتلك المصيبة العظيمة والرزيّة الجليلة بظهور قائم آل محمّد عليهم السلام.

فيوم عاشوراء كما انّه يوم ظهوره عليه السلام، وهو يوم الغاية العظمى بزوال الكرب والغم الذي جاء في ذلك اليوم فهو مختص كلّه بالامام عليه السلام، ولابدّ أن يهتم فيه باللعن والبرائة وطلب هلاك أعداء آل محمّد عليهم السلام بمراسم العزاء والتأسي به عليه السلام بالبكاء والنحيب، وطلب نصره وانتصاره وطهوره والتعجيل له عليه السلام، كما أشير إليها في أعمال وآداب ذلك اليوم.


====

* النجم الثاقب /285_2890.

ومع السلامة.

من علامآت الظهور وقائع في القطيف والاحسآء


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آل محمـد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


من علامات الظهور
وقائع في القطيف والأحساء

قال أمير المؤمنين (ع) : ألا يا ويل الخط من وقعات مختلفات يتبع بعضها بعضا فأولها وقعة بالبطحاء ووقعة بالديورة ووقعة بالصفصف ووقعة على الساحل ووقعة بدارين ووقعة بسوق الجزارين ووقعة بين السكك ووقعة بين الزرافة ووقعة بالجرار ووقعة بالمدارس ووقعة بتاروت .

((ومعني الخط هي منطقة القطيف الان))

وقال أمير المؤمنين (ع) : ألا يا ويل لهجر وما يحل بها مما يلي سورها من ناحية الكرخ ووقعة عظيمة بالعطر تحت التليل المعرة بالحسيني ثم بالفرحة ثم بالقزوين ثم بالاراكة ثم بأم خنور.

((ومعني هجر هي منطقة الأحساء الان وقال بعض الشيوخ أنهم أدركوا هذه الوقعات في الاحساء والله العالم))

قآل الإمآم المهدي "عج"


قآل الإمآم المهدي "عج"
لو علموآ شيعتي شدة حبي لهم
لمآتوآ شوقآ لرؤيتي ....
العجل العجل يآ مولآي !

علماء السنة يصرحون بولادة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



علماء السنة يصرحون بولادة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف...~

إنّ بعض إخواننا من أهل السنة يصرّ على إنكار ولادة الإمام الثاني عشر الحجة بن الحسن المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في النصف من شعبان سنة 255 هـ ، ويجادل في بقائه حياً طيلة هذه المدة المديدة من الزمان .

وأبعد من هذا يذهب نزر من علمائهم وكثير من الجهلاء إلى السخرية والاستهزاء بشيعة أهل بيت النبي (صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين) ؛ لاعتقادهم بإمام زمانهم المفترض المعرفة والطاعة بنص الرسول الأعظم محمّد (صلّى الله عليه وآله) ؛

حيث قال : (( مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )) , ويسمّونهم بالجهل تارة , وبالسفه أو الكفر تارة اُخرى ، وينعون عليهم انتظارهم الطويل لظهور غائبهم الذي انقطعت أخباره عن الخاص والعام .

ولقد طالما أثار هذا الإنكار وذلك التشنيع والاستهزاء بالشيعة حمية أصحاب الضمائر الحية والقلوب المستنيرة بالعلم والتقوى والورع ؛ فانتفضوا يذودون عن حياض الحقيقة , سالكين نهج الأنبياء (عليهم السّلام) والمصلحين بالإنذار والتبشير , لا يخافون في الله لومة لائم حتّى يعود الحق إلى نصابه دون انحياز لأنا أو طائفة أو حزب , منزّهين أقلامهم من عماية التعصّب وغواية الجهل ؛ لعل في إيضاح الحقائق ونشر الوقائع سبيل هداية لعباد الله ممّن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه .

وما مقالنا هذا إلاّ كوة صغيرة نحاول أن ندخل من خلالها شعاع نور الشمس إلى حقيقة ربما كانت مغيّبة عن كثير من إخوتنا في الله مقلّدي مذاهب العامة غير الوهابيّة ؛ فهؤلاء يعرفون الحق ولا يعترفون به , ويرون عين الصبح مسفرة ولا يقرّون وجودها , وقد صدق عليهم قوله (عزَّ من قائل) : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) .

كلامنا ليس مع هؤلاء , بل مع اُولئك الذين نطق القرآن بلسان حالهم : (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) ، الذين ينشدون الحق ويؤثرون قوله ولو على أنفسهم .

أمّا الحقيقة التي أردنا هنا الإلماع إليها فهي أنّ الشيعة ليسوا وحدهم من اعتقد وآمن وصدّق بولادة المهدي المنتظر الذي يملأ بظهوره القريب ـ إن شاء الله تعالى ـ الأرض قطساً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً .

لسنا وحدنا ننتظر بزوغ شمس الحرية والعدل , والمحبة والسّلام على يدي القائد الكوني الذي يملك ما بين المشرق والمغرب كما ذي القرنين .
ليس الشيعة بمفردها تؤمن بوقوع ولادته في الخامس عشر من شعبان سنة 255 هـ , وبغيبتيه الصغرى والكبرى إلى أمد لا يعلمه إلاّ الله وحده . كلاّ ، فكثير من كبار علماء السنّة كذلك يؤمنون بهذه الحقيقة , ولم يأتِ إيماننا وإيمانهم من فراغ , بل يستند إلى الأدلّة البيّنة والبراهين الساطعة , ولكنها لا تعمى الأبصار بل تعمى القلوب التي في الصدور .

ولو أحصينا أسماء العلماء من أهل السنّة الذين يشاطروننا الإيمان بولادة الإمام الحجّة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) , ووجوده في عالمنا حيّاً إلى أن يشاء الله , وعدّدنا مصادر أقوالهم وكتبهم وأدلتهم في ذلك لتطلّب الأمر تأليف مجلّدات ضخمة وجهوداً جبّارة .

لكننا نحيل القرّاء الأعزّاء إلى كتابين تضمّنا حصراً لا بأس به لعدد من أسماء العلماء السنّة ممّن صرّحوا بهذه الحقيقة ؛ هما كتاب (المهدي الموعود المنتظر) للمرحوم الشيخ نجم الدين العسكري , وكتاب (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) لسماحة الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني .

واعتماداً عليهما نكتفي في هذه المقالة بذكر ثمانية عشر اسماً مع مصادرها كما يلي :

1 ـ محمّد بن طلحة الحلبي الشافعي في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) , قال : الباب الثاني عشر في أبي القاسم محمّد بن الحسن ... المهدي الحجّة , الخلف الصالح المنتظر ... فأمّا مولده فبسر مَن رأى ... إلى آخر كلامه .

وقال أيضاً : المهدي هو ابن أبي محمّد الحسن العسكري ، ومولده بسامراء ... إلى آخر كلامه .

2 ـ محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه (البيان في أخبار صاحب الزمان) ص 336 , قال : إنّ المهدي ولد الحسن العسكري ، فهو حيٌّ موجود ، باقٍ منذ غيبته إلى الآن .

3 ـ محمّد بن أحمد المالكي المعروف بابن الصباغ في (الفصول المهمة) ص237 , في الباب الثاني عشر قال : ولد أبو القاسم محمّد الحجة بن الحسن الخالص بسرّ مَن رأى في النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين للهجرة ... إلى آخر كلامه .

4 ـ سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه (تذكرة الخواص) , قال : وأولاده ( أي أولاده الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) ) : محمد .

5 ـ أحمد بن حجر في كتابه (الصواعق المحرقة) عند ذكره للإمام الحسن العسكري (ع) , قال : ولم يخلّف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجة ، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، آتاه الله الحكمة ... إلى آخر كلامه .

6 ـ الشبراوي الشافعي في (الإتحاف بحب الأشراف) , قال : الحادي عشر من الأئمة الحسن الخالص , ويُلقّب بالعسكري ... ويكفيه شرفاً أنّ الإمام المهدي المنتظر من أولاده ...

ثم قال : ولد الإمام محمّد الحجة ابن الإمام الحسن الخالص بسرّ مَن رأى ليلة النصف من شعبان سنة 255 ... إلى آخر كلامه .

7 ـ عبد الوهاب الشعراني في (اليواقيت والجواهر) , ذكر أشراط الساعة فقال : كخروج المهدي ... ثم قال : وهو من أولاد الإمام الحسن العسكري ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم (عليه السّلام) ... إلى آخر كلامه .

8 ـ عبد الله بن محمّد المطيري الشافعي في (الرياض الزاهرة) , بعد ذكر الأئمة والإمام العسكري (عليهم السّلام) قال : إنّ ابنه الإمام الثاني عشر اسمه محمّد القائم المهدي ... إلى آخر كلامه .

9 ـ سراج الدين الرفاعي في (صحاح الأخبار) , قال : ... أمّا الإمام الحسن العسكري فأعقب صاحب السرداب ، الحجة المنتظر ، ولي الله ، الإمام المهدي .
10 ـ الأُستاذ بهجت أفندي في ( كتاب المحاكمة) , قال في ذكر ولادة الإمام المهدي (عليه السّلام) : ولد في الخامس عشر من شعبان سنة 255 ، وإنّ اسم اُمّه نرجس ... إلى آخر كلامه .

11 ـ الحافظ محمّد بن محمّد الحنفي النقشبندي في (فصل الخطاب) , قال : وأبو محمّد الحسن العسكري , ولده م ح م د (رضي الله عنهما) معلوم عند خاصة أصحابه . ثم ذكر ولادته في النصف من شعبان سنة 255 على رواية السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السّلام) .

12 ـ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة) ، ذكر ولادة الإمام المهدي (عليه السّلام) كما هي مروية في كتب الشيعة عن السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السّلام) , ثم قال : الخبر المعلوم المحقق عند الثقات أنّ ولادة القائم كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، في بلدة سامراء .

13 ـ الشبلنجي الشافعي في كتابه (نور الأبصار) , قال : وكانت وفاة أبي محمّد الحسن بن علي في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستّين ومئتين ، وخلّف من الولد محمداً ... إلى آخره .

14 ـ ابن خلكان في (وفيات الأعيان) , قال : كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومئتين ، ولمّا توفّي أبوه كان عمره خمس سنين ، واسم اُمه خمط ، وقيل : نرجس .

15 ـ ابن الخشّاب في كتابه (تاريخ مواليد الأئمة) , قال : الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي ، وهو صاحب الزمان ، وهو المهدي .

16 ـ عبد الحق الدهلوي في رسالته في أحوال الأئمة (عليهم السّلام) , قال : وأبو محمّد الحسن العسكري , ولده م ح م د (رضي الله عنهما) , معلومٌ عند خواص أصحابه وثقاته .

ثم قال : الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن علي ، وهو صاحب الزمان .

17 ـ محمّد أمين البغدادي السويدي في كتابه (سبائك الذهب) , قال : محمّد المهدي ، وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين ... إلى آخر كلامه .

18 ـ المؤرّخ ابن الوردي , قال في (تاريخه) : ولد محمّد بن الحسن الخالص سنة خمس وخمسين ومئتين .

هذه نبذة من المصادر غير الشيعية التي صرّحت بولادة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) في النصف من شهر شعبان سنة 255 ، وصرّحت أنه ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) .

ونسألكم الدعاء...~

ما هي حقيقة المهدي المنتظر عليه السلام؟ وهل يوجد في كتب المخالفين ما يدل عليه؟

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



ما هي حقيقة المهدي المنتظر عليه السلام؟ وهل يوجد في كتب المخالفين ما يدل عليه؟

المهدي المنتظر هو ذلك الذي بشّر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي سيملأ الدنيا قسطا وعدلا بعدما مُلئت ظلما وجورا، وهو الذي سيقيم دولة الإسلام والحق والعدل ويقضي على الكفر والنفاق والضلالة والفساد. إنه آخر الأئمة الاثني عشر من ذرية الرسول المصطفى (صلوات الله عليهم) فهو الإمام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وابن فاطمة بنت محمد النبي الأعظم، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وأرواحنا فداهم.
وُلد هذا الإمام في الخامس عشر من شهر شعبان المعظم لسنة 255 من الهجرة النبوية الشريفة في دار أبيه الإمام العسكري (عليه السلام) في سامراء المقدسة، وقد نصّ على ولادته جمع هائل من علماء المخالفين ومؤرخيهم ونسّابيهم، كابن خلكان في وفيات الأعيان (ج4 ص176) والحصفكي الشافعي في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي (ص360) والكنجي الشافعي في كفاية الطالب (آخر صفحة) والحمويني الشافعي في فرائد السمطين (ج2 ص337) والصفدي في الوافي بالوفيات (ج2 ص336) ومحب الدين الحلبي الحنفي في روضة المناظر (ج1 ص294) وسهل بن عبد الله البخاري في سر السلسلة العلوية (ص39) وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة (ص287) والهيتمي في الصواعق المحرقة (ص207) وشمس الدين الذهبي في العبر (ج2 ص31) وغيرهم كثير.
وبسبب جور السلطة العباسية الغاشمة وسعيها لقتل المهدي الموعود (صلوات الله عليه) فقد اضطر والده العسكري (عليه السلام) لتغييبه عن الأنظار في سرداب بيته، فلم يكن يراه أحد إلا خواص الشيعة المؤمنين وبعض أهل العامة المجاورين للبيت الشريف في أحيان. وحين استشهاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) كان الإمام المهدي (عليه السلام) قد بلغ من العمر خمس سنين، فتولّى مقاليد الإمامة كما آتى الله يحيى (عليه السلام) الحكم صبيا وكما أنطق عيسى (عليه السلام) وهو في المهد، فذلك فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء.
واضطر الإمام المهدي (عليه السلام) لأن يعيش متخفيا عن الأنظار بسبب ملاحقات العباسيين (لعنهم الله) له للقضاء عليه، فخرج (عليه السلام) من منزل أبيه إلى منازل شتّى، وعاش ما يُصطلح عليه بالغيبة الصغرى، وهي الفترة التي امتدت لنحو سبعين عاماً كان يلتقي فيها نوّابه الأربعة وهم عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري (رضوان الله عليهم) فكان هؤلاء يبلغون الشيعة أوامره وتعاليمه ويرفعون إليه مسائلهم وحوائجهم ويقومون بدور السفارة بينه وبين المؤمنين بشكل سري بعيد عن أعين السلطات الظالمة، كما كانوا يرتّبون لقاءاته ببعض المؤمنين حين كان (عليه السلام) يسمح بذلك وكانت الظروف مؤاتية. وقُبيل وفاة النائب الرابع صدر عنه (عليه السلام) إعلان بانقطاع النيابة الخاصة والسفارة بينه وبين شيعته، وأمرهم بالرجوع في مسائلهم وأحكامهم إلى الفقهاء العدول قائلا: ”إنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله“. فبدأ عهد الغيبة الكبرى التي هي ممتدة إلى عصرنا الحاضر، إلى حين ما يأذن الله تعالى له بالظهور واستلام زمام قيادة الأمة وتأسيس الحكومة الإسلامية العالمية الواحدة، وعند ذاك سينزل عيسى المسيح (عليه السلام) ويصلّي خلفه في القدس الشريف.
وخلال هذه الفترة من الغيبة الطويلة لا يلتقي (صلوات الله عليه) إلا بالخواص من الشيعة الأتقياء ممن يكونون مؤهلين لنيل هذا الشرف العظيم. وقد أطال الله تعالى عمره كما أطال عمر نوح عليه السلام، وأبقاه حيا إلى يومنا هذا كما أبقى الخضر (عليه السلام) حيا إلى يومنا هذا، حيث إن الخضر اليوم من أبرز خدّام المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين.
أما عن الأحاديث التي تتحدث عنه (صلوات الله عليه) في كتب ومصادر أهل الخلاف فهي كثيرة يصعب إحصاؤها، منها ما رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: ”خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمساً او سبعاً او تسعاً. قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين. قال: فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيحثى له في ثوبه ما استطاع ان يحمله“. (سنن الترمذي ج2 ص46).
ومنها ما رواه الحاكم عن أبي سعيد الخدري قال: ”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج في آخر امتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الارض نباتها، ويعطى المال صحاحاً، وتكثر الماشية وتعظم الامة، ويعيش سبعاً او ثمانياً يعني حججاً“ وهذا بعد ظهوره. (مستدرك الحاكم ج4 ص557).
ومنها ما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منّي اجلى الجبهة اقنى الانف يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ويملك سبع سنين“. (مسند أبي داود ج4 ص152).
ومنها ما رواه ابن حجر الهيتمي من أن النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: ”يخرج من صلب هذا فتى يملأ الارض قسطاً وعدلاً، فاذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فانه يقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهدي“. (الفتاوى الحديثة لابن حجر ص27).
ومنها ما رواه ابن حجر أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ”يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم كانما يقطر من شعره الماء فيقول المهدي : تقدّم فصلّ بالناس. فيقول عيسى: انما اقيمت الصلاة لك فيصلي خلف رجل من ولدي“. (الصواعق المحرقة لابن حجر ص98).
ومنها ما رواه البخاري ومسلم وأحمد عن أبي هريرة قال: ”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم“. (صحيح البخاري ج4 ص143 وصحيح مسلم ج1 ص94 ومسند أحمد ج2 ص336).
ومنها ما رواه البخاري عن سعيد بن المسيب قال: ”المهدي من وُلد فاطمة“. (التاريخ الكبير للبخاري 8 ص406)
ومنها ما رواه الطبري عن حذيفة قال: ”قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللّه عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي، اسمه اسمي. فقام سلمان الفارسي رضي اللّه عنه فقال: يا رسول اللّه، من أيّ ولدك؟ قال: من ولدي هذا. وضرب بيده على الحسين“. (ذخائر العقبى لأحمد بن عبد الله الطبري ص137).
والخلاف بيننا وبين مخالفينا هو في أنهم يزعمون أن المهدي لم يولد بعد، مع إقرارهم بأنه من ذرية رسول الله وتحديدا من وُلد فاطمة (عليها السلام) بل إن بعضهم أقرّ بأنه من وُلد الحسن العسكري عليه السلام. فيما نحن نقول بأنه قد وُلد وهو حي يُرزق وإن كان غائبا عن الأنظار لأن الأرض لا تخلو من حجة لله ولأن الأحاديث المتواترة ذكرت أن لكل زمان إمام، من يموت بغير الاعتقاد به يكون قد مات ميتة جاهلية أي أنه يموت على الكفر! فلا بد من أن يكون في عصرنا هذا إمام وهو الحجة المهدي المنتظر صاحب الزمان صلوات الله عليه وعجل الله تعالى فرجه الشريف.
وممن وافقنا من علماء المخالفين بأن المهدي هو ابن الحسن العسكري (عليهما السلام) وأنه حي الفخر الرازي حيث قال: ”أما الحسن العسكري الإمام فله ابنان وبنتان: اما الابنان، فأحدهما: صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، والثاني موسى درج في حياة أبيه. وأما البنتان: ففاطمة درجت في حياة أبيها، وأم موسى درجت أيضاً“. (الشجرة المباركة في أنساب الطالبية للفخر الرازي ص78).

ونسألكم الدعاء...~

الإمام المهدي (عج) في أحاديث رسول الله (ص) بطرق أهل السنة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



الإمام المهدي (عج) في أحاديث رسول الله (ص) بطرق أهل السنة

((السيد جعفر الحسيني)).

مقدمة: الاعتقاد بالمهدي المنتظر (عليه السلام):

يخطئ من يتصور بأن قضيّة الإمام المهدي (عج) والاعتقاد به قضية شيعية فقط، أو حتى قضية إسلامية فقط، كلاّ! فهي ضرورة عالمية بشّرت بها الأديان كلّها، وهذا أمرٌ لا يحتاج لأن نقيم عليه الدليل.

ورسوخ هذه الفكرة تابع من أن المهدي (عج) سيكون المستثمر لجهود الأنبياء جميعاً حيث يكون الدين كلّه لله في زمانه، فيحقّ لكل دين أن يبشّر أتباعه بذلك (اليوم الموعود) الذي يشكّل هو إحدى حلقاته.

والملاحظ أن الأديان الأخرى لم تصرّح باسم المنتظر، وإنما أشارت إليه، حتى إذا بلغ الدور للرسالة الخاتمة، أعلم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأحاديث ونصوص لا تقبل الشك والريب عنه، وصرّح باسمه وكنيته، وأنه من أهل البيت من ذرّية علي وفاطمة (عليه السلام)، وأنه الثاني عشر من خلفائه الكرام كما سيأتي فيما يلي.

أما على الصعيد الإسلامي فالمتتبع لما ورد من أحاديث نبوية شريفة حول المهدي (عج) في كتب الصحاح والمساند وطرق كبار الأئمة من جميع الفرق المعتدلة والمستقري لما ألّف حول هذه القضيّة، بل والناظر إلى تاريخ الأمة الإسلامية بدقة، يخرج بنتيجة مهمة، هي أن الاعتقاد بالمهدي المنتظر ما هو إلاّ ضرورة إسلامية قد تلقاها المسلمون من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليست نابعة من وضع اجتماعي أو سياسي معيّن لطائفة إسلامية معينة، فهي على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الاثني عشر فرداً فرداً، تماماً كما هي على لسان الصحابة الأجلّة والتابعين والأئمة والحفاظ.

ولا يضرّ قضية المهدي (عج) وضرورتها أن يحاول بعض الناس تطبيقها على أنفسهم، أو الانحراف بها عن واقعها تماماً، كما لا يضرّ النبوّات أن يدّعيها مدّع كذّاب، إذن فلا يعتبر هذا محلاً للنقض في قضيّة الإمام المهدي (عج)، كما نجد ذلك عند بعض الكتّاب السطحيين اليوم.

المهدي (عج) عند أهل البيت عليهم السلام:

ولا نجد أننا بحاجة لأن نقيم الدليل على أن كل الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) قد بشروا بالمهدي الثاني عشر منهم، وركّزوا عليه، وجعلوا الاعتقاد به مسبقاً من علائم الإيمان، ومن أراد الوقوف على ذلك فليراجع كتب الأحاديث الواردة عنهم (عليهم السلام) وهي تؤكّد كلّها على ذلك.

وأهل البيت (عليهم السلام) عندما يؤكّدون على ذلك فلا يعني أن ذلك مجرّد رأي شخصي، وإنما يعني أنهم يؤكّدون قضية إسلامية أصلية، وذلك لأن أقوالهم ليست إلاّ أقوالاً للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أكدوا هم على ذلك.

ويتوضح ذلك أكثر عندما نأخذ بعين الاعتبار كل الأدلة التي تثبت إمامتهم (عليهم السلام). وأنهم لا يقولون إلاّ الحق.

المهدي (عج) في أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بطرق أهل السنّة:

وفي هذا المجال بحوث مفصّلة، لكننا نختصرها مستعرضين الخطوط العامة لها ضمن نقاط:

أ - الصحابة الذين رووا عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أحاديث المهدي، وهم كثيرون منهم:

1 - الإمام علي (عليه السلام).

2 - الإمام الحسين بن علي (عليه السلام).

3 - عثمان بن عفان.

4 - اُم سلمة.

5 - طلحة بن عبد الله.

6 - اُم حبيبة.

7 - عبد الله بن عباس.

8 - عبد الله بن مسعود.

9 - عبد الله بن عمر.

10 - أبو سعيد الخدري.

11 - أبو هريرة.

12 - جابر بن عبد الله.

13 - عمار بن ياسر.

14 - انس بن مالك.

15 - عوف بن مالك.

16 - عبد الرحمن بن عوف.

وغيرهم...

ب - أئمة المذاهب والرواة الذين خرّجوا الأحاديث، وهم كثيرون أيضاً منهم:

1 - ابن سعد، في الطبقات.

2 - أحمد بن حنبل، في مسنده.

3 - ابن ماجة، في سننه.

4 - أبو داود في سننه.

5 - الترمذي، في جامعه.

6 - البزّاز، في مسنده.

7 - أبو يعلى الموصلي في مسنده.

8 - أبو بكر محمد بن هارون البروياني، في مسنده.

9 - الحاكم، في المستدرك.

10 - الحارث بن أبي أسامة، في مسنده.

11 - ابن عساكر في تاريخه.

12 - ابن الجوزي، في تاريخه.

13 - ابن حبّان، في صحيحه.

14 - أبو بكر الإسكافي في فوائد الأخبار.

15 - الخطيب، في تخليص المتشابه.

16 - البيهقي في دلائل النبوة.

17 - النسائي ذكره السفاريني في لوامع الأنوار البهيّة.

18 - المنّاوي في فيض القدير.

19 - الدارقطني، في الإفراد.

20 - الباوردي، في معرفة الصحابة.

21 - أبو بكر بن أبي شيبة، في المصنّف.

22 - نعيم بن حمّاد، في كتاب الفتن.

23 - الحافظ أبو نعيم، في كتاب المهدي، وفي الحلية.

24 - الطبراني، في الكبير، والأوسط، والصغير.

25 - أبو عمرو المقري في سننه.

26 - أبو حسين بن المنّاوي في كتاب الملاحم.

27 - أبو عمرو المقري، في سننه.

28 - يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده.

29 - أبو بكر بن المقري في معجمه.

30 - أبو غانم الكوفي في كتاب الفتن.

31 - الديلمي في مسند فردوس الأخبار.

وغيرهم من الائمة والحفاظ والمؤلّفين.

ج - من ألّف كتاباً في شأن المهدي (عج):

وهذا إما أن يكون ضمن الكتب الحديثية المشهورة، كما في السنن والمساند وغيرها وأصحابها كثيرون. ومنهم من أفرد مؤلّفاً في ذلك مثل:

1 - أبوبكر بن أبي حيثمة - زهير بن حرب - قال ابن خلدون في مقدمة تاريخه: ]ولقد توغّل أبو بكر بن أبي خيثمة على ما نقل السهيلي عنه، في جمعه للأحاديث الواردة في المهدي].

2 - الحافظ أبو نعيم ذكره السيوطي في الجامع الصغير.

3 - جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي وسمّى كتابه ب[العرف الوردي في أخبار المهدي]، وتزيد الأحاديث التي أوردها فيه على المئتين.

4 - الحافظ عماد الدين ابن كثير، فقد صرّح في كتابه [الفتن والملاحم] بأنه قد أفرد جزءاً مستقلاً في ذكر المهدي (عج).

5 - الفقيه ابن حجر المكي، كما نقله البرزنجي في الإشاعة وسمّى الكتاب ب[القول المختصر في علامات المهدي المنتظر].

6 - علي المتقي الهندي، صاحب كنز العمال، له رسالة في شأن المهدي (عج) حسب نقل ملاّ علي القاري الحنفي في [المرقاة في شرح المشكاة] والبرزنجي في الإشاعة.

7 - ملا علي القاري وسمّى مؤلّفه ب[المشرب الوردي في مذهب المهدي]. وقد نقل عنه البرزنجي في (الإشاعة) طائفة كبيرة من الروايات.

8 - مرعي بن يوسف الحنبلي في [فوائد الفكر في ظهور المهدي المنتظر] ذكره الشيخ صديق حسن القنوجي في كتابه [الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة].

9 - العلاّمة القاضي محمد بن علي الشوكاني في [التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجّال والمسيح].

10 - الأمير محمد بن إسماعيل الصغاني صاحب [سبل السلام] كما نقل عنه في (الإذاعة ص 114).

11 - محمد البرزنجي في [الإشاعة]، وتكلّم عن المهدي (عج) في الباب الثالث في أكثر من مقام:

الأول: في اسمه ونسبه ومولده ومبايعته ومهاجره وحليته وسيرته.

الثاني: في العلامات التي يعرف بها والأمارات الدالّة على قرب خروجه (عج).

الثالث: في الفتن الواقعة قبل خروجه.

12 - السيد محمد صديق حسن القنوجي البخاري في [الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة]. فذكر أحاديث المهدي (عج) في باب مستقل، وأكّد تواترها، وإن من الأمور التي تعقبها الساعة هو ظهور المهدي (عليه السلام) والدجّال والمسيح.

إلى غير ذلك من المؤلّفات الكثيرة.

ذكر بعض من صرّح بتواتر أحاديث المهدي (عج):

1 - الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآمدي السجستاني، صاحب كتاب [مناقب الشافعي] (المتوفى 363 ه)، حيث قال: وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً وأن عيسى (عليه السلام) يصلّي خلفه.

2 - محمد البرزنجي في [الإشاعة] قال: تنبيه: قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان، وأنه من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ولد فاطمة، بلغت حدّ التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها.

وقال أيضاً في ختام كتابه المذكور: وغاية ما ثبت بالأخبار الصحيحة الكثيرة الشهيرة، التي بلغت التواتر المعنوي، وجود الآيات العظام التي فيها بل (أوّلها) - خروج المهدي، وأنه يأتي في آخر الزمان من ولد فاطمة، يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً - .

3 - الشيخ محمد السفاريني في [لوامع الأنوار البهية] قال: بلغت الروايات حدّ التواتر المعنوي...، ثم قال: وقد روي ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرّر عند أهل العلم، ومدّون في عقائد أهل السنّة والجماعة.

4 - القاضي محمد بن علي الشوكاني قال في [التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح]: الأحاديث الواردة في المهدي متواترة بلا شك ولا شبهة.

5 - الشيخ صدّيق حسن القنوجي البخاري قال في [الإذاعة] (ص 112) ما لفظه: منها أي - من الأمور التي تعقبها الساعة - المهدي الموعود المنتظر الفاطمي وهو أولها والأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جداً تبلغ حد التواتر.

وقال أيضاً في (ص 146) اعتراضاً على ما قاله ابن خلدون في كتاب [العبر]، ما لفظه: فلا معنىً للريب في أمر ذلك الفاطمي الموعود المنتظر المدلول عليه بالأدلّة، بل إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة البالغة إلى حد التواتر.

6 - الشيخ محمد بن جعفر الكتاني، قال في كتابه [نظم المتناثر في الحديث المتواتر ]ما لفظه: والحاصل أن الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة.

ذكر بعض ما ورد في الصحيحين والمسانيد مما له تعلّق بشأن المهدي (عليه السلام):

1 - روى البخاري في باب نزول عيسى بن مريم (عليه السلام): عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم"؟(1)

2 - روى مسلم في صحيحه عن جابر أنه سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "لا تزال طائفة من أمّتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة". قال: فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم: تعال صلّ لنا. فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمّة.(2)

وفي هذه الرواية والتي سبقتها وإن لم يكن تصريح باسم المهدي (عليه السلام)، ولكن يتضح المقصود منهما بعد ملاحظة سائر الروايات الواردة في هذا الباب.

3 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تذهب الدنيا ولا تنقضي حتى يملك رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي".(3) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي.

4 - وعنه أيضاً بلفظ: "يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي".(4)

5 - وعن أم سلمة (رض) قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة".

رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم في المستدرك(5). ورمز السيوطي لصحته، وقال الألباني: إسناده جيّد.

6 - وعن أبي هريرة قال: ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المهدي فقال: "يكون في أمّتي المهدي إن قصر فسبع، وإلاّ فتسع. فتنعم فيه امتي نعمة لم ينعموا مثلها قط".(6)

رواه البزاز ورجاله ثقات - قاله الشوكاني -.

7 - وعنه أيضاً بلفظ: "لو لم يبق من الدنيا إلاّ ليلة لطوّل الله تلك الليلة حتى يلي رجل من أهل بيتي".(7)

8 - وقد عقد أبو داود في سننه كتاباً أفرد فيه روايات المهدي، وأورد فيه ثلاثة عشر حديثاً. صدّرها بحديث جابر بن سمرة قال: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة".(8)

وقال السيوطي في آخر جزء [العرف الوردي في اخبار المهدي]: في ذلك إشارة إلى ما قاله العلماء أن المهدي أحد الاثني عشر.

9 - وعن سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "المهدي منّي أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويملك سبع سنين".(9)

10 - وعنه أيضاً، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أبشّركم بالمهدي يُبعث في أمّتي على اختلاف من الناس، وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً". أي بالسوية - رواه أحمد في مسنده.(10)

11 - ما في الجامع الصغير عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدرّي".(11)

12 - أبو داود في سننه: "لا تذهب [أو لا تنقضي] الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي".(12)

13 - أحمد بن حنبل في مسنده عن زر بن حبيش عن عبدالله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي"(13).

إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي لا مجال لنقلها كلها. والنتيجة التي لابدّ وأن يخرج بها الناظر لمجموع أحاديث المهدي (عج) هي أنه (عج) لابدّ وأن يكون مطابقاً لما يقوله أهل البيت (عليهم السلام) من أنه هو محمد بن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بالخصوص، وذلك يتّضح باختصار من ملاحظة مايلي:

أ - أحاديث (اثنا عشر أميراً) التي تواترت بما لا يقبل الشك، بعد أن رواها البخاري ومسلم وباقي الأئمة (عليهم السلام)، وقد جاء في بعضها (اثنا عشر خليفة) وصرّحت بأنهم - من قريش -.

وهذه الأحاديث لا يمكن أن تطبّق واقعاً على غير الأئمة المعصومين من أهل البيت (عليهم السلام)، وإلاّ لزم أن يدخل في خلافة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمثال يزيد والوليد.

ب - يمكننا أن نأخذ مقياس التطابق من روايات متواترة اُخرى، هي أحاديث الثقلين: "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض".

فهذه الروايات تعيّن المشار إليه في أحاديث الاثنا عشر أميراً أولاً، وتعطي مقياساً لانطباقها على الأئمة (عليهم السلام) ثانياً: وهو عدم الافتراق عن القرآن. وهذا تاريخ أهل البيت (عليهم السلام) وتلكم رواياتهم الصحيحة، والمقبولة لدى أئمة المذاهب جميعاً، سوى بعض السلفية، الذين لم يستطيعوا أن يطعنوا رغم ذلك في نزاهتهم. كل تلك شاهدة على أن المقياس لا ينطبق إلاّ عليهم (عليهم السلام)، مع ضمّ الإمام المهدي (عج) إليهم تماماً كما أخبروا هم (عليهم السلام).

ج - التصريح في الروايات الكثيرة باسمه (عج)، فقد جاء فيها: وأما نسبه فإنه من أهل بيت رسول الله.

وعن ابن مسعود أن اسمه محمد. وفي روايات كثيرة أنه من ولد فاطمة البتول (عليها السلام). وقد ردّ ابن حجر على الأخبار الدالة على أنه من ولد العباس. وغير ذلك مما لا يمكن أن ينطبق إلاّ على ما تقوله الشيعة الاثنا عشرية.

المنكرون والمشكّكون:

أما بالنسبة للمنكرين والمشكّكين فلم نقف على أحد من الماضين ممّن أنكر أحاديث المهدي (عج) أو تردّد فيها سوى رجلين:

1 - أبو محمد بن الوليد البغدادي، كما نقل عنه ابن تيميّة في كتابه [منهاج السنّة]. وذكر أنه قد اعتمد في ذلك على حديث: لا مهدي إلاّ عيسى بن مريم. ثم قال: وليس مما يعتمد عليه لضعفه.

2 - عبد الرحمن بن خلدون المغربي المؤرّخ المشهور، وهو الذي اشتهر بين الناس بتضعيفه لأحاديث المهدي، ويبدو للمتأمّل في كلامه في [المقدمة] التهافت والتناقض، حيث يعترف أولاً بظهور المهدي (عج) وأنه لابدّ منه. قال ما لفظه: اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار أنه لابدّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيّد الدين، ويظهر العدل، ويتّبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمّى بالمهدي. ويكون خروج الدجّال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى ينزل من بعده، فيقتل الدجال، أو ينزل معه فيساعده على قتله، ويأتمّ بالمهدي في صلاته.... إلخ.

ثم ذكر ثانياً ما يفيد تردّده في أمر المهدي (عج) وكأنه نسي ما شهد به أولاً من أن الاعتقاد بخروج المهدي (عج) هو المشهور بين الكافة من أهل الاسلام على ممرّ الأعصار.

وهل هذا إلاّ الشذوذ في الرأي واللامبالاة في القول، بعد العلم بأن المسلمين كافة على ممرّ العصور على خلافه؟ وهل يمكن دعوى اتّفاق الجميع على الخطأ وأن المصيب هو ابن خلدون فحسب؟! وخاصة بعد أن لم يكن الأمر اجتهادياً، وإنما هو أمر غيبي - كما أسلفناه - لا يسوّغ لأحد إثباته إلاّ بدليل من كتاب أو سنّة، وقد ذكرنا بعض الأحاديث، ومن ادّعى التواتر فيها.


الأحاديث التي ربما يتوّهم تعارضها مع الروايات الواردة في المهدي (عليه السلام):

أ - ما أخرجه محمد بن خالد الجندي عن أنس بلفظ: لا مهدي إلاّ عيسى. قال الشوكاني: سنده مختلف عليه، وفيه راو مجهول، وضعّفه الحفّاظ، وفيه اضطراب وانقطاع - كما قال الحافظ ابن القيّم - وأحاديث المهدي أصحّ اسناداً منه.

وقال السفاريني: الصواب الذي عليه أهل الحق: أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزوله (عليه السلام).

وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنّة حتى عُدّ من معتقداتهم.

ب - ما أخرجه الدارقطني في الإفراد والخطيب وابن عساكر، عن عمار بن ياسر بلفظ: يا عباس إن الله بدأ بي هذا الأمر، وسيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وهو الذي يصلّي بعيسى بن مريم.

وأخرج أيضاً بلفظ: المهدي من ولد عباس عمّي.

وعن أبي هريرة بلفظ: يا عم إن الله ابتدأ الإسلام بي، وسيختمه بغلام من ولدك، وهو الذي يتقدم عيسى بن مريم. أخرجه أبو نعيم في الحلية.

وقد جمع الشوكاني في التوضيح بين هذه الروايات الثلاث الدالّة على أن المهدي من ولد العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وما تقدم من الروايات الصحيحة الدالّة على أن المهدي من عترته (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ذرية فاطمة (عليها السلام) (إن المهدي من ولد العباس من جهة أمّه). فإن أمكن الجمع فبهذا، وإلاّ فالأحاديث أنه من ولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرجح.

وفي الختام فإن أحاديث الإمام المهدي (عج) الكثيرة التي ألّف فيها المؤلّفون، وحكى تواترها الكثيرون، واعتقد بموجبها أهل السنّة والجماعة كما اعتقد بها الشيعة، تدلّ على حقيقة ثابتة بلا شك، ولا ينكر خروجه (عليه السلام) إلاّ جاهل أو مكابر، وهذا هو الذي حاولنا إثباته.

________________________________________

المصادر:
1 - كنزل العمال: 14: 334، ح 38845، عن صحيح مسلم والبخاري.

2 - مسند أحمد 3: 345، وبنفس اللفظ 3: 384 و 4: 217. وصحيح مسلم، كتاب الإيمان: 247.

3 - مسند أحمد: 1: 432 و 376 و 377 و 448. والترمذي، كتاب الفتن باب 52. وسنن أبو داود 4: 107.

4 - الترمذي، باب الفتن 52: 438، ح 2331. }

5 - سنن أبي داود 2: 107، ح 4284. وسنن ابن ماجة 2، ح 4086. ومستدرك الحاكم 4: 557. كتاب الفتن والملاحم.

6 - كنز العمال 14، ح 38706. بلفظ مقارب. والحاكم في المستدرك 4: 557. وسنن ابن ماجة في كتاب الفتن: ح 4083.

7 - كنز العمال 14، ح 38684.

8 - سنن أبي داود 4: 106.

9 - كنز العمال 14، ح 38665. وسنن أبو داود 4: 107.

10 - مسند أحمد 3: 52. والدر المنثور للسيوطي 6: 57.

11 - كنز العمال: 14، ح 38666. وأخرجه البروياني في مسنده عن حذيفة.

12 - سنن أبو داود، كتاب الفتن 4: 107، ح 4382.

13 - مسند أحمد 1: 488 و 14، ح 38707.

: الرد على المشككين في وجود الإمام الحجه عليه السلام ::

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف

أما بعد فهذا بحث يرد على المشككين والمكذبين لحديث سيد الكونيين (ص) في وجود الامام الحجه (عج).

((الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر عليه السلام حقيقة ثابته)).
نسبه الشريف :
هو الإمام الثاني عشر من أئمة الشيعة الأثنى عشرية - اعزهم الله تعالى وأيدهم بنصره ، وخذل اعدائهم - الطاهرين ، وخاتم المعصومين المرضيين ، أمل المظلومين من البشر والخلف الحي المنتظر ، ولي العصر وحجة الدهر ، الإمام المفدى صاحب العصر والزمان ، سيف الله المسلول وفلذة كبد البتول (ع) شريك القرآن ، ومنتظر أهل الإيمان ، أرواح العالمين فداه ، عجل الله تعالى له ولنا فرجه ، وبلغه مناه ، الإمام محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب سلام الله تعالى عليهم أجمعين .
فنسبه الشريف لأبيه هو نسب آبائه الأطهار الذين عرفتهم .
بدءاً بأبيه الإمام الحسن العسكري (ع) ، وانتهاءً - صعودا- إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم الصلاة السلام ، وإلى رسول الله صلى الله عليه وآله .
أما أمه الجليلة فهي أم ولد يقال لها " نرجس " ، وقيل بل هذا اسمها في الإسلام ، وهو في الأصل "مليكة" ، وهي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم ، وهي من ولد الحواريين ، تنسب إلى وصي المسيح (ع) " شمعون " واحد أبرز حوارييه .
وقد حدثت أنها رأت في المنام محمدأ (ص) نبي المسلمين يخطبها من المسيح (ع) ووصيه شمعون (رض) لولده الإمام الحسن العسكري (ع) ووافق شمعون ووافقت هي .
وقد تعلق قلبها بالإمام (ع) بعد هذا المنام وهي ببلاد الروم ، وهو (ع) في سامراء ، إلى أن شاء الله تعالى أن يوجه أبوها جيشاً إلى العراق لمحاربة المسلمين ، وأن تكون هي في ذلك الجيش متنكرة فيه بزي الخدم ، وأن تقع في الأسر ، وتكون في غنيمة شيخ من المسلمين عرضها للبيع ، ولكنها كانت تمتنع عن الظهور لتُعرض للبيع ، وترفض أن يلمسها أو يمسها أحد من الراغبين في الشراء ، رغم كثرة الراغبين لشراءها لِما رأوا فيها من العفة والحياء .
وقد وجه الإمام الهادي (ع) ، أحد خاصته من سامراء إلى بغداد مع كتاب منه (ع) باللغة الرومية ، وأوصاه بتسليمها إياه بعد أن وصف للرسول المكان والشيخ البائع والأسيرة الجليلة ، وحمّله مائتين وعشرين ديناراً ، ليدفعها ثمناً لها . فلما ناولها الكتاب بلغتها الرومية بكت نرجس وهددت الشيخ بان تقتل نفسها إن لم يبعها لصاحب الكتاب ، فساوم الرسول الشيخ البائع ، حتى توقف عند الثمن الذي أرسله الإمام الهادي (ع) فدفعه إليه ، ونقلها بتجليل واحترام إلى سامراء .
فلما دخلت على الإمام الهادي (ع) رحب بها كثيراً ، ثم بشرها بولد يولد لها من ابنه ابي محمد العسكري (ع) يملك الدنيا شرقاً وغرباً ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، ثم أودعها عند أخته " حكيمه " بنت الإمام الجواد (ع) لتُعلمها الفرائض والأحكام ، فبقيت عندها أياماً ، وهبها الإمام الهادي (ع) بعدها ابنه الإمام الحسن العسكري (ع) فتزوجها الإمام (ع) ولما دخل بها حملت بالحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف .

مولده الشريف عليه السلام :
ولد الحجة المهدي (عج) في " سر من رأى " أي سامراء ليلة النصف من شهر شعبان المعظم ، من سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة وقبل أن يصل المهتدي العباسي للملك بشهر تقريباً ، أي في ملك المعتمد ،وقبل استشهاد الإمام العسكري بخمس سنوات كما جاء في أكثر الروايات ، ويكون تاريخ سنة ولادته بحساب الجمل " نور" إذا كانت سنة ولادته ست وخمسين بعد المائتين ، ولكن المشهور هو القول الأول .

كنيته وألقابه عليه السلام :
هو سمي جده المصطفى (ص) فهو رابع المحمدين في المعصومين ( رسول الله - ص- والإمام الباقر -ع- والإمام الجواد -ع- وهو -ع- ) عليهم الصلاة والسلام .
وفي الإخبار نهيٌ عن ذكر أسمه الشريف وعن التصريح بأسمه في زمن غيبته ، بل يذكر (ع) بكنيته ولقبه . إجلالاً لشأنه ، واحتراماً لعظيم مقامه .
ولكن يستفاد من كلام السيد الخوئي ( قده ) أن النهي في عدم ذكر اسمه الشريف أنما هو خاص بزمان الغيبة الصغرى ، ولا يعم زماننا .
أما كنيته فهي كنية جده رسول الله (ص) فهو أبو القاسم ، وذكرت له كنية : أبو جعفر " أيضاً .

وأما القابه فكثيرة جداً ، منها :
المهدي وهو أشهرها
المنتظر
القائم
الحجة
صاحب العصر والزمان
الخاتم
صاحب الدار
صاحب الأمر
والخلف الصالح
والناطق
الثاير
المأمول
الوتر
الدليل
المعتصم
المنتقم
الكرار
صاحب الرجعة البيضاء
الدولة الزهراء
الوارث
سدرة المنتهى
الغاية القصوى
غاية الطالبين
فرج المؤمنين
منتهى العبر
كاشف الغطاء
الأذن السامعة
اليد الباسطة ، وغيرها .

إمامته عليه السلام :
ذكرنا سابقاً أن الإمام الحسن العسكري (ع) لم يُخلف غير الإمام صاحب العصر (عج) ، فلما ولد (ع) حجبه عن الناس وعن اعين الظالمين ، وكان يبالغ كثيراً في ستره وابعاده عن متناول الأخصام إلى أن استشهد الإمام العسكري (ع) وكان الإمام المهدي (عج) يومئذِ في الخامسة من عمره الشريف .
حينئذٍ انتقلت الإمامة إليه (ع) وهو في هذا السن الصغير وأتاه الله الحكمة والكرامة وفصل الخطاب ، وكان ذلك سنة ستين ومائتين من الهجرة النبوية الشريفة .
وقد نص أبوه الإمام العسكري (ع) على إمامته (ع) من بعده بل إن جده الإمام الهادي (ع) حين نص على إمامة ولده أبي محمد الحسن العسكري (ع) فذكر أن الإمام بعده هو ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعد أن ملئت ظلماً وجوراً .
لذا ،لما استشهد والده الإمام العسكري (ع) أجمع الشيعة بعده ،استناداً إلى أنه لا بد لكل زمان من إمام ،واستناداً إلى الحديث الذي صحَّ عند جميع المسلمين على تفرق مذاهبهم واختلاف آرائهم
أن رسول الله (ص) قال ونصه :
{ من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية } .


وأجمعوا على إمامته (ع) بعد أبيه الإمام العسكري (ع) ،وأنه هو الإمام الثاني عشر ، وأنه هو المهدي المنتظر الذي بشَّر به النبي (ص) والأئمة (ع) من بعده وأنه هو إمام زماننا الحاضر وكل زمان أت،إلى أن يظهر سلام الله تعالى عليه،ويُعم الأمن والسلام ، وينشر الإسلام على الأرض قاطبة ، ويقيم العدل والأحسان فيها .
وبعد استشهاد الإمام العسكري (ع) قام الإمام المهدي (ع) بتجهيزه وتغسيله وصلى عليه ، وآخر مرة شوهد في دار والده (ع) ، ثم غاب عن انظار الأشرار .
ولئن غاب الإمام منذ ذلك - وما يزال - عن الأبصار فإن غيابه ، إنما هو كا ستتار الشمس وراء الغيم ، وإذا عجزت العين المجردة عن رؤيتها ، فإن ذلك لعجزها عن اختراق الحُجُب . وهذا لا يعني أن الشمس غير موجودة ، وفائدتها غير معلومة ، فكذلك الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف
ومن الدلائل على إمامته (ع) ما روي عن عبدالله بن عمر قال : سمعت الحسين بن علي -(ع) - يقول : ( لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ، كذلك سمعت رسول الله يقول ) .
وروي عن الإمام الباقر (ع) عن أبيه وجده عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) {المهدي من ولدي تكون له غيبة إذا ظهر يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً }.
وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخرج في اخر الزمان رجلٌ من ولدي ، اسمه كاسمي ، وكنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، فذلك هو المهدي .
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) { طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه ، يتولى وليه ويتبرأ من عدوه ، ويتولى الأئمة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي وذو ودي ومودتي } .
وهناك روايات وأحاديث كثيرة العدد مختلفة النصوص ، رواهما الفريقان ، وللمزيد تراجع المصادر السنية على الخصوص :
صحيح البخاري ج 4 ، كتاب بدء الخلق ، باب نزول عيسى (ع) .
صحيح مسلم ج 8
مسند أبي داود : كتاب المهدي
سنن الترمذي ج 2
سنن المصطفى ج 2
ينابيع المودة للقندوزي الحنفي
شرح النهج لابن أبي الحديد .


أوصافه عليه السلام :
نقلت المصادر عن أوصافه عليه السلام أنه ممتلئ الجثة ، طويل القامة ، وجهه كأنه كوكب دري ، أقنى الأنف ، ضخم العينين ، كثب اللحية ، على خده الأيمن خال أسود ، وعلى يده خال .


نوابه عليه السلام :

للإمام الحجة (ع) صاحب الزمان غيبتان :


الغيبة الأولى وتسمى بالغيبة الصغرى.

الثانية تسمى الغيبة الكبرى .


بدأت الغيبة الصغرى:
من استشهاد الإمام العسكري (ع) وقيل من يوم مولد الإمام المهدي (عج) سنة 255هـ ،واستمرت حتى وفاة السفير الرابع سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ،ودامت ما يقرب من تسعٍِ وستين سنةً ، وانقطعت الصلة المباشرة بينه وبين مواليه وشيعته


وبدأت الغيبة الكبرى:
بالانقطاع التام ،لا صلة شخصية ولا واسطة سفير،بل بالنائب العام وهو المرجع الأعلم من المجتهدين - قدس الله اسرار الماضين منهم وأعلى مقامهم ، وأنار الله برهان الباقين منهم.
لقد كان للإمام (ع) خلال غيبته الصغرى أربعة نواب (أو سفراء) على الترتيب والبدل ، بمعنى أنه عند انقضاء أجل كل منهم ونفاذ عمره ، كان يوصي إلى الأخر ، بناء على تعيين الإمام وبامر منه (ع) فيقيمه مقام نفسه في النيابه والسفارة والوساطة بين الناس وإمامهم (ع) ، وهؤلاء النواب مدفونون كلهم في العراق ببغداد ولكل منهم مزار مخصوص :


أما هؤلاء النواب الأربعة فهم :

الأول:
أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عمرو العمري الأسدي،الذي كان وكيلاً عن الإمام الهادي (ع) ، ثم عن ابنه الإمام الحسن العسكري (ع) ثم صار نائباً للخلف المنتظر (ع) عدة سنوات ، حتى مضى إلى رحمة ربه ، وكان جليل القدر جداً ، ورفيع الشان تحقيقاً .
حضر تغسيل الإمام العسكري عند وفاته(ع) وتولى جميع أمره في تكفينه وتحنيطه ودفنه مأموراً بذلك ، وكانت توقيعات صاحب اللأمر الحجة (ع) تخرج على يده ، ويد ابنه محمد إلى الموالين من الشيعة،وخواص أبيه بكل مسألة وكل ما يهم أمر المسلمين .
يقع قبره في الجانب الغربي من بغداد ، شارع الميدان جهة الجنوب من مسجد الذرب .

الثاني:
ابنه محمد بن عثمان بن سعيد العمري،الذي كان أيضاً وكيلاً كابيه ثم صار نائباً بعد أبيه عن الحجة (ع)،إلى أن توفى (رض) في اخر جمادى الأول من سنة خمس وثلاثمائه من الهجرة المباركة ، وكانت أيام نيابته ونيابة أبيه قريباً من خمس وأربعين سنة .
يعرف (رض) بالخلاني،والشيعة مجتمعة على ثقته وعدالته وأمانته،وكانت التوقيعات تخرج من الإمام (ع) على يده إلى الشيعة في كل مهمة ، ويقع قبره الشريف في الجانب الشرقي من بغداد .

الثالث:
أبو القاسم الحسين بن روح بن ابي بحر النوبختي،الذي قام بامر النيابة إحدى وعشرين سنة إلى أن توفى في شعبان سنة ست وعشرين وثلاثمائة،ودفن في النوبختيه ، في الجانب الشرقي من بغداد في سوق الشورجه - حالياً .
وكان(رض) موضع ثقة الجميع،أقامه أبو جعفر محمد بن عثمان مقامه قبل وفاته بسنتين أو ثلاث .

الرابع:
أبو الحسن علي بن محمد السمري (رض) وقد قام بالأمر ثلاث سنين فقط وتوفى في النصف من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاثمائة للهجرة وقبره في الجانب الغربي من بغداد .
وكانت قد خرجت لأبي الحسن السمري قبل وفاته بأيام،رقعة توقيع من ناحية الإمام المقدسه ، أخبره فيها بوفاته خلال مدة وجيزة من يوم إلى ستة أيام ، ثم نهاه عن الوصية في هذا الأمر إلى أحد بعده،ومنعه من تسميت نائب أخر ( خامس ) للإمام (ع) وهذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم
يا علي بن محمد السمري،أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة . فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جوراً ، وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا من ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفترٍ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

وروي أنه في اليوم السادس حضر الموالون الشيعة وهو يجود بنفسه فقيل له من وصيك من بعدك فقال :
لله امرٌ هو بالغه ..
وبوفاة هذا النائب الجليل انتهت الغيبة الصغرى التي استمرت ما يقرب تسع وستين سنة ، وبدأت الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا،حتى يأذن الله تعالى .

اسلوب السفراء الأربعة في الغيبة الصغرى:
اضطلع السفراء في الغيبة الصغرى بمهمة قيادة قواعد الإمام (ع) من الناحية الفكرية والسلوكية ، طبقاً لتعليمات الإمام (ع) والتوسط بينه وبينها في في ايصال التبليغات واخراج التوقيعات ، وحل مشاكلها وتذليل العقبات التي تصادفها .
وقد اعتمدت تحركاتهم ونشاطاتهم على السرية التامة دون أن يثيروا السلطات عليهم ، ولكي تنفسح لهم أكبر الفرص وأوسع المجالات للعمل تحت قيادة الإمام (ع) دون أن يقعوا تحت طائلة المطاردة والتنكيل.
وكانوا يقومون بأعمال تجارية ،كالبيع والشراء في السمن أوالمواشي أو بقية أنواع التجارة لتغطية أعمالهم ، حتى لا يتسرب لأحد الشك في الأموال التي تصل إليهم من الشيعة ، وهم بدورهم يوصلونها إلى الإمام (ع) .
ولعل الدوافع التي دفعت السفراء إلى هذا الأسلوب من العمل ،الأسباب التالية:

1.خوف السلطة من العلويين،ومحاولة مطاردة واضطهاد عدد كبير من قادتهم وكبرائهم .
2.الجو القلق والمطرب الذي عاشته قواعد الإمام (ع) الشعبية بشكل عام . والسفراء الأربعة بنحو خاص،إلى درجة ان عثمان بن سعيد ، السفير الأول للإمام (ع) كان ينقل المال في جراب من الدهن لشعوره بضغط السلطات ومطاردتهم له،ولما ينتظره من العقاب الصارم لو عرفت به الدولة أو حصلت تجاهه على مستمسك خطير .
3.المطاردة الجادة والدائبة للإمام المهدي (ع) ومحاولة القاء القبض عليه ، وحملات التفتيش المنظمة لداره ، فإذا كانت الدولة تقف من الإمام (ع) هذا الموقف ، فكيف إذاً تقف تجاه قواعده ومواليه ؟! .

أهداف السفارة في الغيبة الصغرى:

هناك هدفان رئيسيان ترمي إليها السفارة عن الإمام (ع) هما:

أولاً :
تهئية أذهان الأمة وتوعيتها لمفهوم الغيبة الكبرى ، وتعويد الناس تدريجياً على الأحتجاب ، وعدم مفاجأتهم بالغيبة دون سابق مقدمات ، ولربما ادى الأحتجاب المفاجئ إلى الإنكار المطلق لوجود الإمام المهدي (عج) .
ومن هنا جاء تخطيط الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام بالأختفاء التدريجي عن وسط الأمة ، وضاعفه الإمام العسكري (ع) على نفسه ، كما أن الإمام المهدي (ع) نفسه تدرج في عمق الاحتجاب كما بينا ، فكانت فترة السفارة أيضاً إحدى الفترات المرحلية لتهئية الأذهان بشكلها المتدرج .

ثانياً :
قيام السفارة برعاية شؤون القواعد الشعبية الموالية للإمام (ع) والتوسط بينها ،لتمضية شؤونها ومصالحها بعد اختفاء الإمام عن مسرح الحياة ، بغيبة الكبرى .

الغيبة الكبرى:
سميت غيبة الإمام (ع) بعد وفاة نائبه أبي الحسن السمري (رض) الغيبة الكبرى ، لشدتها وفرط فوتها على شيعته واتباعه وكبرها في نفوسهم بسبب انقطاعه (ع) عنهم ، أو لأنها أكبر زمناً من الفترة الأولى ، التي كان له فيها نواب عنه ، وتنتهي الغيبة الكبرى هذه بظهوره عليه السلام ، بعد طول الأمد ، وقسوة القلب ، وبعد أن تمتلئ الأرض ظلماً وجورا ، فيخرج (ع) لينصر فيها الحق ، ويقر السلام ، ويملأها قسطاً وعدلا .
أما موعد ظهوره فلا يعلمه إلا الله تعالى ، ومن ادعى معرفته لذلك ، بمثل حساب النجوم أو غيره ، فهو كاذب،لا يعبأ بكلامه.بل أن مشاهدته (ع) قطعية عن معرفه متعذرة أيضاً ، فكل من ادعى المشاهده عن معرفة ، مثل حدوث الوقائع الحتمية التي لا بد ان تحدث قبل ظهوره ، كخروج السفياني ، وسماع الصيحة السماوية وغيرها ، فهو كذاب ولا يؤخذ بكلامه .

المهدوية والإسلام:
لم يختلف المسلمون قاطبة في عقيدتهم بالإمام المهدي (ع) من حيث الكبرى أعني من حيث كون النبي (ص) قد بشر بخروج مصلح يقال له المهدي من نسله (ص) يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجورا .
بل إن الديانات السماوية كاليهودية والنصرانية ، وكبار العلماء كما جاء ذلك في الزبور والتوراة المتداولين .
أما في الإسلام ففلسفتها كبيرة جداً خاصة عند الشيعة،مما ورد ذلك عن أئمتهم (ع) عن الرسول (ص) .
نعم من حيث الصغرى ، اختلف الشيعة والسنة في ذلك ، بمعنى من هو ، وهل هو من صلب الإمام الحسن أ م الحسين (ع) ، وهل وُلِد ام لا ، وغير ذلك من المفصلات .
وكثيراً ما يشنع الغير في هذا المعتقد على الشيعة الإمامية ، وما كتب كاتباً عن الشيعة إلا واتخد من عقيدتهم بالمهدي وسيلة للسخرية والتهريج ، ووضع للفكر حواشي ورتب عليها لوازم واشرع سلاحه ، وتفهيق بكلامه ، وصال وجال ، وكانه اكتشف كشفاً ضخماً ، وأنه وحده العبقري ، وأن غيره الأخرين بلهاء .
أن فكرة الإمام المهدي (ع) في نطاق العقيدة الدينية ، بغض النظر عن تفاصيلها ، موضع اتفاق جمهور المسلمين ، فإن روايات المهدي وانتظار الفرج على يديه وظهوره ليملأ الأرض عدلاً ، وردت عند كل من الشيعة والسنة كماً، وممن رواها من أئمة السنة :

احمد بن حنبل في مسنده
الترمذي في سننه
وأبو داوود في سننه
وابن ماجة في سننه
والحاكم في مستدركه
والبغوي في مصابيحه
وابن الأثير في جامع الأصول
ومحي الدين ابن العربي في الفتوحات المكية
وتذكرة الخواص لابن الجوزي
والحموي في فوائذه
وابن حجر في صواعقه
والقندوزي الحنفي في ينابيعه .


وقد الف عدة علماء من السنة كتباً مستقلة حول الإمام المهدي (ع) ومنها :

1-البيان في أخبار صاحب الزمان ، للكنجي الشافعي .
2- عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر للشيخ جمال الدين يوسف الدمشقي .
3- مهدي آل الرسول ، لعلي بن سلطان محمد الهروي الحنفي .
4- كتاب المهدي تأليف أبي داود .
5- علامات المهدي لجلال الدين السيوطي .
6- مناقب المهدي للحافظ أبي نعيم الأصفهاني .
7- القول المختصر في علامات المهدي المنتظر لابن حجر .
8- البرهان في علامات مهدي اخر الزمان لعلي المتقي .
9- أربعون حديثاً لأبي العلاء الهمداني .
10- الحلية في نعت المهدي لأحمد بن عبدالله أبو نعيم .
11- مشكاة المصابيح لمحمد بن ابراهيم الحموي .
15- جواهر العقدين للسمهوري .

نعم انفردت الشيعة الإمامية - اعزهم الله تعالى - عن بقية فرق المسلمين بقولهم انه ابن الحسن العسكري(ع)، وانه ولد وغاب عن الأنظار،وهو الحق وكثيراً ما شنع عليهم بسبب ذلك وسوف ننظر حول ذلك ، وننظر كذلك في شبهاتها .
لم ينكر بعض علماء السنة ولادة المهدي وحياته وغيبته وعدم وفاته (ع)،ومن هؤلاء العلماء الذين يعتقدون بأن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر من أئمة اهل البيت ، وانه ولد ، وانه لا يزال حياً وسيظهر في اخر الزمان فيملأ الأرض قسطاً وعدلا ، وينصر الله به دينه ، وهم بذلك يوافقون أقوال الشيعة الإمامية ، منهم :1- محي الدين ابن العربي في الفتوحات المكية .
2- سبط الجوزي في تذكرة الخواص .
3- عبدالوهاب الشعراني في عقائد الأكابر .
4- ابن الخشاب في تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم .
5- محمد البخاري الحنفي في فصل الخطاب .
6- أحمد ابراهيم البلاذي في الحديث المتسلسل .
7- ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة .
8- العارف عبدالرحمن في مرآة الأسرار .
9- كمال الدين بن طلحه في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول .
10- القندوزي الحنفي في ينابيع المودة .

ولو تتبع الباحث،لوجد في علماء السنة والجماعة أضعاف من ذكرنا،يقولون بولادة المهدي،وبقائه حياً حتى يظهره الله تعالى .
وبعد هذا لم يبقَ معنا من أهل السنة إلا المنكرون لولادته وبقائه حياً ، بعد اعترافهم بصحة الأحاديث . وهؤلاء ليسوا حجة على غيرهم من القائلين منها .



طول عمر الإمام عليه السلام :

نحن نرى أن طول عمر الإنسان ليس من الأمور المستحيلة وقد يتساءل بعض المخالفين والمعاندين والمشككين عن امكتنية ان يعيش بشر هذه القرون ، فنقول بصريح العبارة نعم ، إن هذا هو معتقدنا في إمامنا المنتظر سلام الله تعالى عليه ، وإن هذه كرامة له من الله تعالى خصه بها ، وما إطالة العمر وإبقاء إمامنا (ع) حياً طوال تلك القرون ، بمعجز للقادر المتعال جل جلاله وعلا مكانه وتعالى شأنه ، ولا يصعب عليه ، فالمنكر لطول عمره الشريف ، والمستنكر أن يبقى (ع) حياً كل هذه القرون ، إنما ينكر قدرة الله تعالى ، وينقض قوله عز وجل في كتابه الكريم بوقوع مثل هذه المعجزة والكرامة .
إذاَ فنحن نؤمن تصديقاً منا بقدرة الله تعالى ، وبأنه جل جلاله - لمصالح ولحكمة تقتضيها بعض الأعصار - يطيل أعمار بعض من رسله ، وأوليائه وأخيار عباده .
وهناك الكثير ممن عاش عمراً طويلاً ، وقد صرح الله تعالى في كتابه وصرح رسوله (ص) في هديه .


ومن أُولئك :


1- النبي نوح (ع)
عاش 2500 سنة منها 850 سنة قبل أن يبعثه الله نبياً ، و950 سنة وهو في قومه يدعوهم إلى الله تعالى ويعلمهم ويرشدهم ، و700 سنة بعدما نزل من السفينة ونضب الماء وجف .


2- النبي ادريس (ع)
عاش 965سنة .


3- النبي آدم أبو البشر (ع)
عاش 930 سنة .


4- النبي هود (ع)
عاش 962 سنة ، وكان زمان دعوته 670 سنة .


5- النبي سليمان بن داوود (ع)
عاش 712 سنة .


6-عوج بن عناق
عاش 3600 سنة ولد في حجر ادم ، وعناق أمه ، وقتله موسى بن عمران .


7- بختنصر
عاش 1507 سنوات .


8- ذو القرنين
عاش 1500 سنة .


9-أهل الكهف
309سنوات أحياء نيام ، بنص القرآن الكريم ، عدا السنوات التي عاشوها قبل دخولهم الكهف.


10- بقاء النبي عيسى (ع)

حياً منذ ولادته إلى الأن ، وينزل ويصلي خلف المهدي (ع)


11- بقاء الخضر حياً إلى الآن
بل وإلياس كذلك ، ويدعي بعض المشككين أن الخضر مات ولم يعيش إلى الأن ، ولعمري إن ذلك جهل بالروايات ، وعلى فرض موته ، فإنه كان ياتي إلى الرسول (ص) وكان الخضر (ع) هو صاحب موسى (ع) وقد نص القرآن بذلك في قوله تعالى (( فوجدا عبداً من عبادنا اتيناه رحمةً من عندنا وعلمناه من لدُنا علماً )) سورة الكهف اية 65 فيتضح مدى طول عمره منذ زمن النبي موسى (ع) أو قبله إلى زمن الرسول (ص) ، ويستغرب ذلك في المهدي (ع) ، وقد قال ابي جرير الطبري : الخضر والياس باقيان يسيران في الأرض .


12- بقاء الدجال حياً
كما ورد في حديث تميم الداري والحاسة والدابة التي كلمتهم ، وهو حديث صحيح ذكره مسلم في صحيحه ، وتراه ايضاً في عقد الدرر الفصل الرابع من الباب الثاني عشر صفحة 293 . وروى مسلم في صحيحه : " كلما كان في الأمم السالفه يكون في هذه الأمة مثله ، حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة " .


13- طول عمر ابليس اللعين
ولا يستغرب من بقائه حياً وهو مخلوق قبل أدم (ع) ومازال يواكب مسيرة البشر من أول خلقته إلى يوم فنائه ، ومع ذلك فهو مخفي ، وهو يرى الناس ولا يرونه ، وذلك بنص القرآن الكريم ببقائه إلى يوم البعث . ومن الغريب عدم استغرابهم من معيشة شجرة الصنوبر في أمريكا والتي يبلغ عمرها 4900 سنة ، وشجرة العرعر التي تعيش مدة 2000 سنة .
فإذا كانت هذه أعمار الأشجار ، فما بالك بالإنسان الذي هو أكرم من بقية المخلوقات ، بل أيهما أشد غرابة وأبعد بقاء رجل يأكل ويشرب ويمشي وينام ويستيقظ مدة طويلة . أم بقاء أشخاص نيام في مكان واحد لا يأكلون ولا يشربون ولا يتنظفون بل يتقلبون فقط ، وهم أهل الكهف ؟!. بل أن الروايات تصرح بان سلمان الفارسي (رض) من أوصياء عيسى (ع) ، وقد دل الدليل على طول عمر الإمام المهدي (ع) وحياته حتى يظهر .
إن من استبعد بقاءه (ع) وتعميره وغيبته ، فإن ذلك فسفطة ظاهرة ، لا تعارض في الأذلة ، فقد اتفقوا على بقاء ما ذكرنا أو جلهم ، ثم انكروا جواز بقاء المهدي (ع) ، لأنهم إنما انكروا بقاءه من وجهين أحدهما طول الزمان ، والثاني أنه في سرداب من غير أن يقوم أحد بطعامه وشرابه ، وهذا ممتنع عادة .

أما عن الجواب عن طول الزمان فمن حيث النص والمعنى :

أما النص:
فما ورد من الأخبار على أنه لا بد من وجود المهدي (ع) وعيسى (ع) والدجال في آخر الزمان ، وأنهم ليس فيهم متبوع غير المهدي ، بدليل أنه إمام الأمة في آخر الزمان وأن عيسى يصلي خلفه ، ويصدقه في دعواه .


أما من يرجع إلى المعنى:
أنه في مقدور الله تعالى ، وانه عن وجه الحكمة واما في أولوية بقاء المهدي من الأخرين - اعني عيسى (ع) والدجال - فالمهدي أولى منها لأنه إمام آخر الزمان ، فيكون بقاؤه مصلحة للمكلفين ولطفاً في بقائه من رب العالمين .

ونعرف ذلك من الدليل العقلي وهو دليل اللطف وحاصله :

أن العقل يحكم بوجوب اللطف على الله تعالى ، وهو فعل ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية . ويوجب إزاحة العلة وقطع العذرة بما لا يصل إلى حد الإلجاء لئلا يكون للناس على الله حجة ، فكما أن العقل حاكم بوجوب إرسال الرسل ، وبعثة الأنبياء ليبينوا للناس ما أراد الله منهم ، وللحكم بينهم بالعدل ، كذلك يجب نصب الإمام ليقوم مقامهم ، تحقيقاً لنفس العلة ، فإن الله لا يخلي الأرضى من حجة إما من قائم مشهور ، أو غائب مستور وليس زمان بأولى من زمان في ذلك .
ولا يعبأ بمن نفى حكم العقل بوجوب اللطف على الله ، فإن أولئك لا عقل لهم ، ولم يعوا الحكمة من إرسال الله تعالى الرسل .
والدجال ، إذا بقى فبقاؤه مفسدة للعالمين ، لما ذكر من ادعاء ربوبيته ، وفتكه بلأمة ، ولكن في بقائه ابتلاء من الله رب العالمين ليعلم المطيع من العاصي والمحسن من المسئ ، وهو عالم بذلك قبل وقوعه ولكن حتى تكون تلك الحكمة حجة على المكلف .
واما بقاء عيسى فهو سبب إيمان أهل الكتاب به ، والتصديق بنبوة سيد الأنبياء (ص) ويكون تبياناًً لدعوى الإمام عند أهل الإيمان ومصدقاً لما دعا إليه أهل الطغيان ، بدليل صلاته خلفه ونصرته إياه ، ودعائه إلى الملة المحمدية التي هو إمام فيها ، فصار بقاء الإمام المهدي (ع) أصلاً وبقاء الأثنين فرعاً على بقائه ، فكيف يصح بقاء الفرعين مع عدم بقاء الأصل لهما ؟! ولو صح ذلك ، لصح وجود المسبب من دون وجود السبب وذلك محال .
وإنما قلنا أن بقاء المهدي أصل لبقاء الأثنين ، فلأنه لا يصح وجود عيسى (ع) منفرداً غير ناصر لملة الإسلام ، وغير مصدق للإمام ، لأنه لو صح ذلك لكان منفرداَ بدولةٍ ودعوة ، وذلك يبطل دعوة الإسلام ، من حيث أراد أن يكون تبعاً فصار متبوعاً ، وأراد أن يكون فرعاً فصار أصلاً والنبي (ص) يقول " لا نبي بعدي" ، فلا بد أن يكون له عوناً وناصراً ومصدقاً ، وإذا لم يجد من يكون له عوناً ومصدقاً لم يكن لوجوده تأثيراً ، فثبت أن وجود المهدي (ع) أصل لوجوده .
وكذلك الدجال اللعين لا يصح وجود في آخر الزمان ، ولا يكون للأمة إمام يرجعون إليه لأنه لو كان كذلك لم يزل الإسلام مقهوراً ودعوته باطلة ، فصار وجود الإمام (ع) أصلاً لةجوده على ما قلناه . وأما بقاؤه في السرداب - على حد زعمهم - من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه فبقاء عيسى (ع) في السماء من غير أحد يقوم بطعامه وشرابه وهو بشر مثل المهدي (ع) ، فلما جاز بقاؤه في السماء والحالة هذه فكذلك المهدي (ع) .
فإن قلت إن عيسى (ع) يغذيه رب العالمين من خزانة غيبه ،
قلت : لا تفنى خزائنه بانضمام المهدي (ع) إليه بغذائه .
ثم إننا لا نقول بوجود الإامام المهدي (ع) في السرداب ، وإنما نعظم شان السرداب لأنه بيت من بيوت الأئمة (ع) ، وخروج الإمام لا يكون منه ، بل بين الركن والمقام في مكة المكرمة ، فافهم .
إذاً يعلم أن البقاء في المدة الطويلة لا ينحصر في المهدي (ع) بل كان في غيره وخاصة في الخضر (ع) الذي هو أطول عمراً من الأخرين ، وإنما أخره سبحانه وتعالى حسبما يراه من المصلحة ، ولعلمه تعالى بأنه ستأتي نفوس يتبعون الشهوات ، ويوقعون في أذهان بسطاء العقول الشبهات ، ويستشكلون في طول عمره الشريف ، فأرغم الله تعالى أنوفهم ، إظهاراً لقدرته الكاملة ، وإتماماً للحجة ، ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيى من حيَّ عن بينة ، ولله الحجة البالغة ، وبيده أزمة الأمور وهو القادر على كل شيئ ، وعلى هذا فلا وجه لاستبعادهم لطول عمره ، وتفي الأمكان . ويمكن الجواب عن ( نفي الامكان ) بجواب أخر ، يتوقف على بيان مقدمة مختصرة ، ليتضح ما هو المقصود من الجواب ، فنقول : يمكن أن نفسر ( الامكان ) في قولنا بالامكان أن يعيش الإنسان قروناً كثيرة كما هو الكلام في المهدي (ع) على ثلاثة معان :


الأول الأمكان العملي
الثاني:الأمكان العلمي
الثالث : الأمكان المنطقي أو ما يسمى الفلسفي .



والمقصود من الامكان العملي:

أن يكون الشيئ قابلاً لأن يحققه الإنسان ، ( ولو في بعض أفراده ) ، في الخارج فعلاً ، كالصعود للقمر ، واليوم أصبح ممكناً عملاً ، فيعبر عنه أنه ممكن عملاً . والمقصود من الامكان العلمي هو أنه لا يوجد لدى العلم مبرراً لرفضه ، كالصعود إلى كوكب الزهرة مثلاً ، فإن الصعود إليه وإن لم يكن فعلاً ميسوراً ، لكنه ممكن ، لأنه ليس الفارق بينه وبين الصعود للقمر إلا درجة مثلاً ، ويتحقق ذلك بعد تذليل الصعاب الإضافية التي حصلت بسبب بعد الزهرة الشاسع عن الأرض وقربها من الشمس . والمقصود بالأمكان الفلسفي ، أن لا يوجد لدى العقل ما يوجب الحكم با ستحالتة ، كتقسيم عدد الفرد ( الشخص ) إلى اثنين بالتساوي من دون كسر ، فإن العقل يرفض مثل ذلك ، ويحكم باستحالته لأنه تناقض ، والتناقض مستحيل عند العقل .
إذا عرفت تفسير الأمكان بالمعاني الثلاث ، فنقول :
إن طول عمر الإنسان قروناً كثيرة ممكن بالمعاني الثلاثة :


أما بالأمكان المنطقي:
فلأنه لا يلزم من هذا الافتراض أي تناقض بوجوب الحكم با ستحالته عند العقل ، وبعبارة أخرى افتراض ذلك لا يكون من قبيل تقسيم عدد الفرد إلى اثنتين بالتساوي من غير كسر .
كما لا يوجد علمياً اليوم ما يبرر رفضه من الناحية النظرية كما نص على ذلك الأطباء المتخصصون ، فلا يتطلب إلا تذليل الصعاب الإضافية ، فحينئذٍ يتضح لك أن العلم من الناحية النظرية لا يجد مبرراً لرفضه .

أما الامكان العملي:
فإن العلم وإن كان لا يزال جاداً وسائراً في طريق الأمكان النظري إلى إمكان عملي ، وبعد لم يصل إليه ، إلا أنه قد تحقق ذلك أي طول العمر فصار ممكناً عملياً في غير المهدي كنوح (ع) ، فيكون كذلك بالنسبة للمهدي (ع) ولا استغراب ، فإن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد .
نعم الأستغراب من جهة أنه كيف يتحقق ذلك - أي طول العمر للمهدي (ع) - قبل وصول العلم في تطوره إلى مستوى القدرة الفعلية .
فالجواب أن الأستغراب في غير محله ، بعد ما ثبت عملياً في نظائره (ع) من العمرين ( عمر نوح والخضر ) ، فهو نظير من يسبق العلم في اكتشاف دواء للسرطان مثلاً قبل وصول العلم إليه ، وكذلك له نظائر في تشريعات الإسلام ، لم يصل إليها العلم إلا بعد مئات السنين ، فليكن قضية طول عمر الإمام (ع) من هذا القبيل ، وكذلك إسراء النبي (ص) ومعراجه ، وقضية إلقاء نمرود لإبراهيم (ع) في النار ، ولم تمسه (ع) ، وفلق البحر لموسى (ع) بعصا ، وخروج الرسول (ص) من داره وهو محاط بحشود قريش التي ظلت ساعات تتربص لتهجم عليه فستره الله تعالى عن عيونهم .


العلم الحديث والهرم :
لا يمنع العلم الحديث من بقاء الإنسان حياً ألاف السنين ، إذا لم تعرض له عوارض تقطع حبل حياته ،والمنقول عن العلم الحديث انه إذا توافرت المواد الغدائية اللازمة لأي موجود حي . فإن مرور الزمن لا يؤثر فيه ، وكذلك لا تؤثر فيه الشيخوخة .
جاء في مجلة المقتطف رقم 3 صفر ، ص 59 سنة 1390هـ " لكن العلماء الموثوقين يقولون أن كل الأنسجة من جسم الحيوان تقبل البقاء إلى ما لا نهاية ، وانه في الأمكان أن يبقى الإنسان حياً ألوفاً من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته وقولهم هذا ، ليس مجرد ظن بل هو نتيجة علمية بالأمتحان "
فأثبت الدكتور " ودن لوميس " وزوجته ، أنه يمكن وضع أجزاء خلوية من جسم جنين طائر في سائل ملحي ، فتبقى حية ، وتوالت التجارب 00000 حتى قام الدكتور " الكسيس كارل " وأثبت منها أن هذه الأجزاء لا تشيخ الحيوان الذي أخدت منه بل تعيش اكثر مما يعيش عادة وقد شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة 1912م ، وثبت له:

1- أن هذه الأجزاء الخلوية تبقى حية مالم يعرض لها عارض يميتها ، إما من قلة الغداء ، أو من دخول بعض المكروبات .
2- أنها لا تكتفي بالبقاء حية ، بل تنمو خلاياها ، وتتكاثر كما لو كانت باقية في جسم الحيوان .
3- أنه يمكن قياس نموها وتكاثرها ومعرفة ارتباطها بالغداء الذي يقدم لها .
4- لا تأثير للزمن ، أي أنها لا تشيخ وتضعف بمرور الزمن بل لا يبدو عليها أقل أثر للشيخوخة تنمو وتتكاثر هذه السنة كما كانت تنمو وتتكاثر في السنة الماضية وما قبلها من السنين .

مع المنكرين لوجود الإمام المهدي (ع) :
إن من ينكر وجود الإمام أو عدم ولادته فإنما هو يكذب الله وسوله .
يكذب الله تعالى فيما أوردناه من عدم التصديق والإيمان بقدرته ، بل وما أوردناه من أدلة ، فإن الله تعالى يقول (( فلولا ان كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون )) فإن الله تعالى صرح أن يونس (ع) لولا انه كان من المسبحين ،لكان يلبث في بطن الحوت إلى يوم يبعث الله الخلق .
بل أنه يكذب الله تعالى في قوله (( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر )) فقد صرح الله تعالى بنزول الملائكة في ليلة القدر ، ومن المعلوم أن ليلة القدر في كل سنة ، ولم ولن تنقطع هذه الليلة ، فقد أتى سبحانه وتعالى بالفعل بصيغة المضارع وهذا يدل على الأستمرارية ، فإذاً على من تتنزل الملائكة ؟! طبعاً على حجة الله تعالى المهدي (ع) كما هو الحق .
ويكذب رسوله (ص) في الحديث المروي عنه (ص) " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي " فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض "
الذي رواه مسلم في صحيحة ، ج 4 ص 123 ، دار المعارف ، بيروت ، لبنان .
ورواه النيسابوري في مستدركه على البخاري ومسلم ج 3 ، ص 27 ، كتاب معرفة الصحابة ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان
ورواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 ، ص 17 - 26 - 59 ، دار صادر، بيروت ، لبنان
ورواه الترمذي ج 5 ص 663 ، دار أحياء التراث العربي ، بيروت ، لبنان
ورواه علاء الدين الهندي في كنز العمال ج 1 باب 2 الأعتصام بالكتاب والسنة ص 172 ، ط مؤسسة الرسالة بيروت ، رقم 5 سنة 1985 م وهو الحديث رقم 810 و 871 و 872 و 873 .
ورواه الطبراني في معجمه الصغير ، والطبري في ذخائر العقبى
والحمويني في فرائد السبطين
وابن سعد في طبقاته
والحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد
والسيوطي في أحياء الميت
والعسقلاني في المواهب اللذنيه
والنبهاني في الأنوار المحمدية
والبيهقي في السنن الكبرى
والبغوي في مصابيح السنة
وابن كثير في تفسيره
وابن الأثير في جامع الأصول
وابن حجر الهيثمي في صواعقه ط2 سنة 1965 م ، مكتبة القاهرة ، شركة الطباعة الفنية المتحده .

عموماً يكذب الرسول (ص) فإن الرسول (ص) قال "لن يفترقا" بصيغة المثنى وهذا يقتضي الملازمة بين الكتاب والعترة ، إذا لم يولد الإمام المهدي (ع) فقد حصل الأفتراق ، وهذا يكذب الحديث ، إذاً لا بد من ثبوت ولادة الإمام كما يشهد له الحديث . انتهى قول احد مجتهدي الخط .
فالاعتراض على عمر الإمام (ع) ما يقرب من أثني عشر قرناً في حين أن الإنسان لا يستطيع أن يعمر هكذا ، مبني على الأستبعاد ، وإن العمر الطويل كهذا يستبعد ، لكن الذي يطالع الأخبار الواردة عن الرسول الأعظم (ص) ومن يتدبر القرآن الكريم ، سيلاحظ أن نوع الحياة لبعض الأشخاص ومنهم الغائب ، تتصف بالمعجزة ، خرقاً للعادة ، وطبيعي أن خرق العادة ليس بالأمر المستحيل ولا يمكن نفي خرق العلم عن طريق العلم مطلقاً .
لذا لا تنحصر العوامل والأسباب التي تعمل في الكون في حدود مشاهدتنا والتي تعرفنا عليها ، ولا نستطيع نفي عوامل أخرى وهي بعيدة كل البعد عنا ، ولا علم لنا بها ، أو ننا لا نرى أثارها وأعمالها ، أو نجهلها .
من هذا يتضح امكان ايجاد عوامل في فرد أو أفراد من البشر بحيث تستطيع تلك العوامل أن تجعل الإنسان يتمتع بعمر طويل جداً قد يصل إلى الألف أو الاف من السنوات فعلى هذا فإن عالم الطب لم ييأس حتى الأن من كشف طرق لإطالة عمر الإنسان .
وهو الأعتراض من الذين يعتقدون بالكتب السماوية كاليهودية والمسيحية والإسلام ، وفقاً لكتبهم السماوية ، ويقرون بالمعجزات وخرق العادات التي كانت تتحقق بواسطة أنبياء الله تعالى ، يثير الأعجاب والأستغراب .
فبالأمس ينكرون أن تحلق مركبة من حديد وألمنيوم ، وينكرون أن يتكلم الحديد ، ولا يصدقون أن يتحدث الغربي مع الشرقي أو غيرها ، واليوم يصدقونها لأنهم رأوها واحسوا بها ، لكن لم يحسوا بوجود الإمام لأنهم أقفلوا عقولهم ولم يحركوها وأساس معرفة الله العقل .
ونضرب مثلاً لجواز غيبة الإمام (ع) ، أورده السيد الجليل ابن طاووس في كشف المحجة ، قال : فأنتم تعلمون أنه لو حضر رجل وقال انا أمشي على الماء ببغداد ، فأنه يجتمع لمشاهدته ، لعل من يقدر على ذلك منهم ، فإذا مشى على الماء وتعجب الناس منه ، فجاء آخر قبل أن يتفرقوا وقال : أنا أمشي على الماء ، فإن التعجب منه يكون أقل من ذلك ، فمشى على الماء فإنَ بعض الحاضرين ربما يتفرقون ، ويقل تعجبهم ، فإذا جاء ثالث ، وقال أنا أيضاً أمشي على الماء ، فربما لا يقف للنظر إليه إلا قليل ، فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك ، فإن جاء رابع وذكر أنه أيضاً يمشي على الماء ، فربما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه ، وهذه حالة المهدي (ع) لأنكم رويتم أن أدريس (ع) حي موجود في السماء منذُ زمانه إلى الأن ، ورويتم أن الخضر حي موجود منذ زمان موسى (ع) أو قبله إلى الأن ، ورويتم ان عيسى حي موجود في السماء ، وإنه يرجع إلى الأرض مع المهدي (ع) فهده ثلاثة نفر من البشر قد طالة أعمارهم وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم ، فهلاُ كان لمحمد بن عبدالله (ص) أسوة بواحد منهم وان يكون من عترته آية الله جل جلاله في امته بطول عمر واحدٍ من دريته ، فقد ذكرتم ورويتم في صفته أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، ولو فكرتم لعرفتم ان تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً ، أعجب من طول بقائه ، وأقرب إلى أن يكون ملحوظاً بكرامات الله جل جلاله ، لأوليائه ، وقد شهدتم أيضاً له ، أن عيسى بن مريم النبي المعظم (ع) يصلي خلفه مقتدياً به في صلاته ، وتبعاً له ، ومنصوراً به في حروبه وغزواته ، وهذا أيضاً أعظم مقاماً مما استبعد تموه من طول حياته

وأما عن صغر سن الإمام عند بلوغه الإمامة:
فليس ذلك بمستغرب ، بعد أن ارتفعت حالته ، ودخل تحت القدرة ، وقد اتى الله يحيى (ع) الحكم وهو صبي ، بل ان عيسى (ع) كلم الناس وهو طفل رضيع في المهد ( ويكلم الناس في المهد ) ، بل أن المتدبر في الأية الشريفة ( قال إني عبدالله اتاني الكتاب وجعلني نبياً 0 وجعلني مباركاً أين ما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا 0 وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقيا ) ،
يلاحظ أموراً ، منها :

1- أن الجعل ههنا من الله تعالى ، وليس جعل الناس ، وليس فوق قدرة الله قادر .
2- يلاحظ في الأفعال ( آتاني ، جعلني ، أوصاني ) وغيرها ، أنها جاءت بصيغة الماضي ، فالنبي عيسى (ع) يقول بما معناه أن الله قد جعلني نبياً ، وهو رضيع لم يكمل أياماً ، بدليل قوله تعالى " فأتت به قومها تحمله " مما يدلل على الترتيب فمجرد أن وضعته أتت به قومها ، وعلى هذا فمتى أوصاه الله تعالى بالصلاة والزكاة وبالبر بوالدته وأتاه الكتاب ؟! إذاً لا بد من القول بان الله تعالى قد جعله وأوصاه قبل أن يولد وهو في عالم الذر ، فإذا لم يتعذرعلى الله ذلك ، فمن باب أولى أن يقوم الإمام المهدي (ع) وبقية الإئمة وهم في سنٍ صغير ، كخمس سنوات أو أكثر .



سبق وأن أشرنا إلى أن وجود الإمام أمر ضروري لجهات عديدة منها رفع الأختلافات ، وتفسير وتوضيح القوانين الإلهية والهداية المعنوية والباطنية وغير ذلك ، وأن الله تعالى برحمته قد جعل الإمام أمير المؤمنين (ع) وبعده أحد عشر إماماً من ابنائه ، ومن الواضح ان مهمة كل إمام تشبه من حيث تمام جوانب الإمامة ، وظائف الأئمة الأخرين (ع) وأنه لو لم تكن هناك موانع فإن عليه الظهور للناس ، لكي يستفيدوا منه ، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا كان غائباً .؟
إن الأعتقاد بحكمه الله تعالى يجعل من غير اللازم أساساً أن نعرف فلسة الغيبة ، بعد أن ثبت ثبوتاً قطعياً لا شك فيه فلا يضرنا مطلقاً إذاً ، ان لا نعرف علة الغيبة ، وذلك شبيه بتلك الموارد الكثيرة التي لا نعرف وجه الحكمة فيها ، وإنما يكفينا فقط أن يثبت لدينا بالروايات الصحيحة والبراهين القوية أن الله العظيم أرسل حجته إلى الأمة ، ولكن كانت هناك بعض المصالح التي استدعت أن يبقى وراء ستار الغيبة ويبدو من بعض الروايات أن السبب الأصلي سيعرف بعد ظهوره (ع) .
على أنه يمكننا أن نعدد للغيبة بعض الفوائد التي قد تكون بعض الأخبار قد أشارت إليها ومنها :

1- امتحان الأمة
لكي تنكشف الفئة التي استبطنت السوء وعدم الإيمان ، وتبدو ظاهرة متميزة عن الفئة التي تمكن الإيمان من أعماق قلوبها وراح يزداد ويتعمق بانتظارها للفرج ، وصبرها في الشدائد ، واعتقادها بالغيب ، وبازدياد الإيمان يرتفع قدرها ، وتحصل على درجات عالية من الثواب .

2- حفظه من القتل
إن ملاحظة تاريخ الأئمة (ع) - كما هو تاريخ الأنبياء (ع) - والجور الذي توجه اليهم من قبل خلفاء بتي امية وبني العباس ، ترشدنا الى أن الإمام الثاني عشر لو كان ظاهراً فإنه سيقتل لامحالة كما قتل أباؤه من قبل ، وذلك لأن الأعداء كان قد انتهى الى سمعها أنه سيظهر شخص من أهل البيت (ع) ومن ولد علي وفاطمة (ع) يحطم عروش الظالمين والمستبدين وانه ابن الإمام العسكري (ع) لذا فإن العباسيين لم يدخروا وسعاً في تقصي اخبار هذا الإمام (ع) ولاكن الله تعالى سلمهُ من كيدهم وخيب آمالهم كما فر موسى بن عمران (ع) من مصر ، ووروده على شعيب ، وعتزال نبينا المعظم (ص) في شعب أبي طالب وختفائه أخيراً في الغار حين أرادوا قتله . فكذالك المهدي المنتظر (ع) يخشى القتل لعدم وجود الأسباب العادية لنصرته وتقدمه في دعوته ، فلا مفر له من الأعتزال والغيبة حتى يأتي الله تعالى بأمره .

3- لئلا تكون في عنقه (ع) بيعة لأحد
حيث حفظته من بيعة الظالمين والحكام الغاصبين ، وانه سيظهرحين يظهر وليس لأحد بيعة في عنقه ، فيظهر الحق عيناً ، وبلا أي مواريه ويقر في الأرض حكم القسط والعدل .

4- تكميل النفوس وتهذيبها
فالناس يختلفون في درجة الأستعداد وتحمل التكاليف ، ومنه منشأ اختلاف درجات الإيمان ، وارتقاء البشر من ناحية العلوم والمعارف ، لتكميل العقول ونضوجها ، وقد ورد في وصف أصحابه أنهم العلماء والنجباء والقضاة والحكام ورهبان الليل وليوث النهار .

5- تأديب الأمة تجاه ما صدر منها تجاه الرسول وآله (ص)
وذلك لأن الأمة لم تقم بواجبها تجاه الرسول والإمام من الأمتثال لأوامره ونواهيه ومعاونته ، بل عصته وتجاوزت في ذلك الحد ، بإذائه بكل وسيلة ، فيجوز للإمام تركها واعتزالها ، لتأديبها وتحذيرها لعلها ترجع إلى الصواب وإلى رشدها ، وتدرك فوائد وجود الرسول والإمام بين أظهرها هادياً ومرشداً داعياً .
ومن الواضح أن الأعتزال ليس له حد ولا أمد معين بل حده رجوع القوم عن ضلالهم إلى رشدهم ، وتنبيههم بعد غفلتهم ، ويقظتهم بعد رقدتهم .

6-حفظ أوليائه من القتل

7- لمصلحة خفية استأثر الله تعالى بعلمها

فوائد وجود الإمام عليه السلام غائباً :
ليس المقصود من غيبته (ع) أنه لا يُرى ، بل المراد من ذلك أنه لا يُعرف شخصه .
لم يكن هناك أي تقصير من جانب الله الرحيم في مجال العناية والرحمة ، بل إن تقصير الناس أنفسهم هو الذي أوجب غيبة الإمام (ع) وتأخر ظهوره ، ولكننا يجب أن نعلم أن فوائد وجود الإمام لا تنحصر بالإرشادات والهداية الظاهرية إن كان بين الناس ، بل إن هناك فوائد أخرى تكوينية وتشريعية تترتب على وجوده ، وإن كان غائباً عن الناس .

واهم فوائد وجوده عليه السلام :

1-كونه (ع) ( واسطة الفيض الأقدس ) ، بمعنى كونه الرابطة بين العالَم والخالق ، فانقطاعه يعني ذلك النبض ، لأن تمام أنواع الفيض الإلهي إنما تنزل على الناس بواسطة الإمام ، كما تتنزل الأوامر والقرارات إلى الموظفين من الرؤساء والوزراء بواسطة المدير .

2- هدايته المعنوية للأفراد اللائقين لذلك ، وإن لم يستطع هؤلاء أن يروه بشخصه المعروف .

3- صيانته للدين وهداية الناس اللائقين ، فالإمام (ع) كالشمس التي يغطيها السحاب ، فكما يستفيد الخلق من الشمس ويستضيؤن بنورها وإن جللها السحاب ، فكذلك يستفيد الخلق ولايته في غيبته .

4-الأعتقاد بالإمام المهدي (عج) يعني ارتباط الناس بعالم الغيب ، وأنه لم ينقطع ، ولا يعني انتظار المسلمين للإمام المهدي (ع) أن يتخلوا عن مسؤلياتهم ، فيضيعوا أحكامهم ، ويتركوا الجهاد ، كما يزعم بعض الجهلة ، بل على المسلمين أن يعملوا على نشر المعارف الإسلامية وإقرار الأحكام الشرعية ، وبعبارة أخرى أن يعملوا على تهئية الأرضية لمساعدة قيامه (ع) ، فيكون الفرد المسلم مستعداً ومنظماً حياته ، بشكل لا يتناقض مع دعوته (ع) ، لكي يكون مؤهلاً للأنخراط في سلك أتباعه وانصاره ، ويقارع أعدائه بكل ثبات .


في ذكر من قال بوجود المهدي (عليه السلام) ووافق الشيعة من علماء أهل السنة:

وهم كثيرون نذكر منهم جماعة:


الأول:
أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن أبي الحسن القرشي النصيبـي الشافعي في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول)، وهذا الرجل قد أثنى عليه علماء أهل السنة وذكروه بكل جميل

الثاني:
أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابيه (البيان في أخبار صاحب الزمان) و(كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب).

الثالث:
نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة في معرفة الأئمة) وقد ذكروه في التراجم بكل وصف جميل

الرابع:
الفقيه الواعظ شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قزغلي ابن عبد الله البغدادي الحنفي المعروف بسبط ابن الجوزي في (تذكرة خواص الامة في معرفة الأئمة) لأنه إبن بنت العالم الواعظ جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن التيمي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي.

الخامس:
الشيخ الأكبر محيي الدين أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي المدفون بصالحية دمشق في (الفتوحات المكية).

السادس:
نور الدين عبد الرحمن بن أحمد بن قوام الدين الدشتي الجامي الحنفي، وقيل: الشافعي صاحب شرح كافية إبن الحاجب المشهور في (شواهد النبوة).

السابع:
الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني المصري العارف المشهور في (اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الاكابر).

الثامن:
السيد جمال الدين عطاء الله بن السيد غياث الدين فضل الله ابن السيد عبد الرحمن المحدث المعروف في (روضة الأحباب في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والآل والأصحاب).

التاسع:
الحافظ محمد بن محمد بن محمود البخاري المعروف بخواجه بارسا الحنفي في (فصل الخطاب).

العاشر:
العارف عبد الرحمن من مشايخ الصوفية في (مرآة الاسرار).

الحادي عشر:
الشيخ حسن العراقي.

الثاني عشر:
أبو محمد أحمد بن إبراهيم البلاذري في (الحديث المسلسل).

الثالث عشر:
أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن الخشاب المعروف بإبن الخشاب في كتاب (تواريخ مواليد الأئمة ووفياتهم).

قد اعترف علماء كثيرون من أهل السنة بولادة الامام المهدي (ع):

1 ـ سهل بن عبد الله البخاري ( ت / 341 هـ ) سر السلسلة العلوية : 39 .
2 ـ الخوارزمي ( ت / 387 هـ ) مفاتيح العلوم : 32 طبعة ليدن / 1895م .
3 ـ يحيى بن سلامة الخصفكي الشافعي ( ت / 568 هـ ) كما في تذكرة الخواص للعلاّمة سبط ابن الجوزي : 360 .
4 ـ عبد الله بن محمد المفارقي ( ت / 590 هـ ) المعروف بابن الأزرق في تاريخ ميافارقين ، كما في وفيات الاعيان لابن خلكان 4 : 176 / 562 .
5 ـ فريد الدين النيشابوري الهمداني ( ت / 627 هـ ) مظهر الصفات كما في ينابيع المودّة 3 : 141 ـ باب 87 .
6 ـ سبط ابن الجوزي ( ت / 654 هـ ) تذكرة الخواص : 363 .
7 ـ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي ( ت / 658 هـ ) كفاية الطالب / الصفحة الاخيرة.
8 ـ ابن خلكان ( ت / 681 هـ ) وفيات الاعيان 4 : 176 / 562 .
9 ـ عزيز بن محمد النسفي الصوفي ( ت / 686 هـ ) في رسالته ، كما في ينابيع المودّة 3 : 143 باب 87 .
10 ـ كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني ( ت / 730 هـ ) تحفة الإخوان في خصائص الفتيان ، كما في كتاب ( سر جشمه تصوّف در ايران ) لسعيد النفيسي : 216 .
11 ـ الجويني الحموئي الشافعي ( ت / 732 هـ ) فرائد السمطين 2 : 337 .
12 ـ اسماعيل بن علي أبو الفداء ( ت / 732 هـ ) المختصر في أخبار البشر 2 : 45 حوادث سنة 253 هـ .
13 ـ شمس الدين محمّد الذهبي ( ت / 748 هـ ) العبر في خبر من غبر 2 : 31 ط الكويت .
14 ـ صلاح الدين الصفدي ( ت / 764 هـ ) الوافي بالوفيات 2 : 336 .
15 ـ محب الدين أبو الوليد محمّد بن شحنة الحلبي الحنفي ( ت / 815 هـ ) روضة المناظر في أخبار الأوائل والأواخر 1 : 294 ، مطبوع في حاشية مروج الذهب بمصر سنة / 1303 هـ .
16 ـ ابن الصباغ المالكي ( ت / 855 هـ ) الفصول المهمّة / الفصل الثاني عشر : 287 .
17 ـ سراج الدين محمّد الواسطي الرفاعي ( ت / 885 هـ ) صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطميّة الاخيار : 143 طبع مصر لسنة / 1306 هـ .
18 ـ شمس الدين محمّد بن طولون الحنفي ( ت / 953 هـ ) الائمة الاثنا عشر : 117.
19 ـ حسين الدياربكري القاضي ( ت / 966 هـ ) تاريخ الخميس 2 : 343 .
20 ـ عبد الوهاب الشعراني الشافعي ( ت / 973 هـ ) اليواقيت والجواهر 2 : 143 ط مصر لسنة 1378 هـ .
21 ـ أحمد الهيتمي الشافعي ( ت / 974 هـ ) الصواعق المحرقة ط الاولى ص207 ، ط الثانية ص124 ، ط الثالثة ص313 .
22 ـ أحمد القرماني الحنفي ( ت / 1019 هـ ) أخبار الدول وآثار الاول 1 : 353 الفصل 11.
23 ـ ابن عماد الدمشقي الحنبلي ( ت / 1089 هـ ) شذرات الذهب 2 : 148 في حوادث سنة 260 هـ .
24 ـ عبد الملك المكي العصامي ( ت / 1111 هـ ) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 4 : 137 .
25 ـ عبد الله الشبراوي الشافعي (ت / 1171 هـ) الإتحاف بحب الاشراف : 68.
26 ـ عباس بن علي المكّي ( ت / 1180 هـ ) نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس 2 : 128 ط القاهرة .
27 ـ محمّد بن علي الصبان الشافعي ( ت / 1206 هـ ) اسعاف الراغبين : 140 .


وهنا بعض الاحاديث

سنن ابي داود / كتاب المهدي

3735 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ عَنْ
زِيَادِ بْنِ بَيَانٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَسَمِعْتُ أَبَا الْمَلِيحِ يُثْنِي عَلَى عَلِيِّ بْنِ نُفَيْلٍ وَيَذْكُرُ مِنْهُ صَلَاحًا *


3736 حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ تَمَّامِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَهْدِيُّ مِنِّي أَجْلَى الْجَبْهَةِ أَقْنَى الْأَنْفِ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ *


سنن الترمدي/ كتاب الفتن

2157 حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعَطَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَلِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي قَالَ عَاصِمٌ وَأَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَلِيَ قَالَ أَبمو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ *


سنن ابو داود/كتاب المهدي

3733 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدٍ حَدَّثَهُمْ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ ح و حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ فِطْرٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ قَالَ زَائِدَةُ فِي حَدِيثِهِ لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ ثُمَّ اتَّفَقُوا حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي زَادَ فِي حَدِيثِ فِطْرٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَجَوْرًا وَقَالَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ لَا تَذْهَبُ أَوْ لَا تَنْقَضِي الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي قَالَ أَبمو دَاومد لَفْظُ عُمَرَ وَأَبِي بَكْرٍ بِمَعْنَى سُفْيَانَ *


سنن ابن ماجة/الجهاد

2769 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ح و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ كُلُّهُمْ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَمْلِكُ جَبَلَ الدَّيْلَمِ وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةَ *


اخذ(صلى الله عليه وآله وسلم)بيد علي فقال(يخرج من صلب هذا فتى يملأ الارض قسطاً وعدلاً ، فاذا رأيتم ذلك فعليكم بالفتى التميمي فانه يقبل من قبل المشرق وهو صاحب راية المهدي ). الفتاوى الحديثية:27 لاحمد شهاب الدين بن حجر الهيتمي.


عن انس بن مالك قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة انا وحمزة وعلي وجعفر بن ابي طالب والحسن والحسين والمهدي).ذخائر العقبى للطبري:15.


قال (صلى الله عليه وآله وسلم)( من انكر خروج المهدي فقد كفر بما انزل على محمّد ومن أنكر خروج الدجّال كفر ). فرائد السمطين للشافعي.


قال (صلى الله عليه وآله وسلم)( يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم كانما يقطر من شعره الماء فيقول المهدي: تقدّم فصلّ بالناس . فيقول عيسى : انما اقيمت الصلاة لك فيصلي خلف رجل من ولدي ). الصواعق المحرقة:98.


عن ابي سعيد الخدري قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (المهدي منّي اجلى الجبهة اقنى الانف يملأ الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ويملك سبع سنين ). مسند ابي داود:4 / 152.


عن ابي سعيد الخدري ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال (يخرج في آخر امتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الارض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية وتعظم الامة ، ويعيش سبعاً او ثمانياً يعني حججاً ) . المستدرك على الصحيحين:4 / 557.


عن أبي سعيد الخدري قال:خشينا ان يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ( ان في امتي المهدي يخرج يعيش خمساً او سبعاً او تسعاً ) قال : قلنا : وما ذاك . قال سنين. قال : فيجيء اليه الرجل فيقول: يا مهدي اعطني اعطني . قال( فيحثى له في ثوبه ما استطاع ان يحمله).صحيح الترمذي:2 / 46.


قال (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة (عليها السلام)):المهدي من ولدك ). اربعين حديث في المهدي لابي نعيم الاصفهاني:الحديث الرابع.


قال (صلى الله عليه وآله وسلم)( اذا نادى مناد من السماء ان الحق في آل محمد فعند ذلك يخرج المهدي ) . عقد الدرر للمقدسي الشافعي:الباب السابع.


وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً تكون له غيبة وحيدة تضل فيها الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً. ( اعلام الورى ج 2 ص226).


عن سلمان المحمدي قال :دخلت على النبي (ص) والحسين عليه السلام على فخذه وهو يقبل عينيه، ويلثم فاه ويقول: إنك سيد ابن سيد ابو سادة، إنك إمام ابن إمام أبو ائمة، وإنك حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم (تذكرة الخواص204).


قال رسول الله (ص) لن تنقضي الايام والليالي حتى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي، يواطيء اسمه اسمي، يملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجورا.


قال رسول الله (ص) : يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كإسمي، وكنيته ككنيتي، يملأ الارض عدلاً كما ملئت جورا، فذلك هو المهدي.


قال رسول الله (ص) : لا تذهب الايام والليالي حتى يملك رجل من أهل بيتي يملأ الارض قسطاً وعدلا، كما ملئت ظلماً وجورا.


عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله (ص) يقول: الائمة من بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين والمهدي منهم.


يقول العلامة أبو سالم الشافعي في مطالب السؤال :


فهو من ولد الطهر البتول ، المجزوم بكونها بضعة من الرسول .. فأما مولده فبسر من رأى (سامراء) في ثالث و عشرين سنة ثمان و خمسين و مائتين للهجرة ، و أما نسبه اباً و اماً ، فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكل ، بن محمد القانع ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين الزكي ، بن علي المرتضى أمير المؤمنين "
مطالب السؤال : ج2 الباب 12 .

جاء في ينابيع المودة قال :
و منها ( أي من الروايات في المهدي ) عن حذيفة بن اليمان قال :
خطبنا رسول الله (ص) فذكر ما هو كائن ثم قال : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من ولدي اسمه اسمي .


فقال سلمان :
يا رسول الله : من أي ولدك هو ؟


قال :
من ولدي هذا ( و ضرب بيده على رأس الحسين عليه السلام ) .
ينابيع المودة : من الاربعين حديثاً الذي جمعه ابو نعيم في المهدي ص 490 .



الشيخ القطب الفوثي محي الدين بن العربي في الفتوحات قائلاً :
" اعلموا انه لا بد من خروج المهدي و هو من عترة رسول الله (ص) من ولد فاطمة (رض) جده الحسين بن علي بن ابي طالب ، و والده الامام حسن العسكري ، ابن الامام محمد التقي ، ابن الامام علي الرضا ، ابن الامام موسى الكاظم ، ابن الامام جعفر الصادق ، ابن الامام محمد الباقر ، ابن الامام زين العابدين علي ، ابن الامام الحسين ، ابن الامام علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه " .
مشارق الانوار للشيخ حسن الحمزاوي ص 112 طبع 1307 هـ .


العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال :
"هو : محمد بن الحسن ، بن علي ، بن محمد ، بن علي ، بن موسى ، بن جعفر ، بن محمد ، بن علي ، بن الحسين ، بن علي بن ابي طالب ، و كنيته ابو عبدالله و ابو القاسم و هو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي ، و هو آخر الأئمة ، انبأنا عبدالعزيز بن محمود بن البزاز عن ابن عمر قال :قال رسول الله (ص) يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ، اسمه كاسمي ، و كنيته ككنيتي ، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي ، و هذا حديث مشهور .
تذكرة الخواص : ص 363 طبع 1964 م النجف .


يقول ابن الصباغ :
" ولد ابو القاسم محمد بن الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة ، و اما نسبه اباً و اماً فهو : ابو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص ، بن علي الهادي ، بن محمد الجواد ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين بن علي بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليهم اجمعين و امه : ام ولد يقال لها نرجس " .
الفصول المهمة : الباب الثاني عشر .


في دفع الشبهات التي وردت في أمر المهدي (عليه السلام)


الشبهة الأولى :
إن طول العمر بهذه المدة مستبعد بل غير واقع عادة، كيف وقد مضى عليه الآن ما يزيد عن ألف وتسع وثمانين سنة كما مر.

والجواب:
أن الاستبعاد ليس دليلاً ولا يعارض الدليل، وقد عرفت قيام الأدلة العقلية والنقلية على ولادته وغيبته، فهل يجوز أن ندفعها بالإستبعاد؟ مع أنه لا إستبعاد في ذلك بعد نص القرآن العظيم على مثله في نوح وأنه (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً)(1) ونقل أنه عاش ألفاً وثلثمائة سنة.(2)

وفي رواية عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه عاش ألفاً وأربعمائة وخمسين سنة، وعاش آدم تسعمائة وثلاثين سنة كما هو مذكور في التوراة، وعاش شيث تسعمائة وإثني عشرة سنة.(3)

وجاءت الروايات ببقاء الخضر إلى الآن. قال الطبرسي في إعلام الورى: أجمعت الشيعة وأصحاب الحديث، بل الأمة بأسرها خلا المعتزلة والخوارج على أن الخضر موجود في هذا الزمان، حي كامل العقل، ووافقهم على ذلك أكثر أهل الكتاب، إنتهى.(4)

وكذلك إلياس وإدريس. ونص القرآن الكريم على بقاء عيسى ورفعه إلى السماء.(5) وجاءت الروايات المتفق عليها بين الفريقين على أنه ينزل عند خروج المهدي ويصلي خلفه(6)، فكيف جاز بقاء المأموم طول هذه المدة وحياته وامتنع بقاء الإمام، هذا مع ما صح عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: كل ما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الأمة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.(7) وجاءت روايات الفريقين بحياة الدجال وهو كافر معاند مضل وبقائه إلى خروج المهدي فيقتله المهدي، فكيف امتنع في ولي الله ما وقع مع عدو الله ونسب معتقده إلى الجهل وسخافة العقل، ونص الكتاب العزيز على بقاء إبليس إلى يوم القيامة وهو غاو مضل؟(9) وقد صنف أبو حاتم السجستاني كتاباً خاصاً بالمعمرين.

وقد نص القرآن الكريم على بقاء أهل الكهف أحياء وهم نيام وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، فلبثوا في رقدتهم الأولى ثلثمائة سنين وازدادوا تسعاً كما نطق به القرآن العظيم.(10) فأيهما أعجب وأغرب وأبعد بقاء رجل يأكل ويشرب ويمشي وينام ويستيقظ ويتنظف مدة طويلة؟ أم بقاء أشخاص نيام في مكان واحد لا يأكلون ولا يشربون ولا يتنظفون؟ وقد نص القرآن الكريم على إماتة عزير مائة عام ثم إحيائه وطعامه لم يتسنه ولم يتغير وحماره معه،(11) فأيهما أعجب هذا أم بقاء المهدي؟ وقد نص الكتاب العزيز على بقاء أهل الجنة والنار.(12) وجاءت الأخبار بلا خلاف بأن أهل الجنة لا يهرمون ولا يضعفون ولا يحدث بهم نقصان في الأنفس والحواس.(13) ومن أراد استقصاء أخبار المعمرين فليرجع إلى كتابنا (البرهان على وجود صاحب الزمان).(14)

وقد شاهدنا في زماننا بقاء الأجسام بعد الموت محفوظة بالأدوية ألوفاً من السنين في الملك الذي أخرج من صيدا وهو في تابوت مغموراً بالماء لم يفقد من جسمه شيء، ونقل بتابوته إلى القسطنطينية في عهد السلطان عبد الحميد العثماني، وتاريخه قبل المسيح (عليه السلام)، وشاهدنا في مصر أجسام الفراعنة محنطة باقية من عهد موسى (عليه السلام) أو قبله بأكفانها والتماسيح المحنطة والمعزى والحنطة والخبز وغير ذلك. وبهذه السنين استخرج في مصر أحد الفراعنة المسمى (توت عنخ آمون) وجسمه لم يبل ومائدته أمامه عليها الفواكه، فإذا جاز على الله تعالى أن يلهم عباده معرفة الأدوية الحافظة لأجسام الموتى والحيوانات وغيرها ألوفاً من السنين، أما يجوز عليه أن يطول عمر شخص ويبقيه حياً زماناً طويلاً؟

وقد ضرب السيد إبن طاوس (رحمه الله) في كتاب (كشف المحجة) مثلاً لرفع استبعاد بقاء المهدي حياً بين الناس مدة طويلة وهم لا يعرفونه حين حصلت بينه وبين بعض علماء بغداد من أهل السنة مناظرة في ذلك، فقال: لو أن رجلاً حضر إلى بغداد وادعى أنه يستطيع المشي على الماء وضرب لذلك موعداً أترى أن أحداً من أهل بغداد كان يتخلف عن ذلك الموعد؟ لا شك أنه لا يتخلف أحد، أو يتخلف النادر، ثم إذا حضر في اليوم المعين ومشى على الماء وقال إنه في اليوم الثاني يريد أن يفعل مثل ذلك، أفكان يحضر من الناس مثلما حضر في اليوم الأول؟ لا شك أن الحاضرين يكونون أقل من اليوم الأول بكثير، وإذا قال إنه في اليوم الثالث يريد أن يفعل مثل ذلك فلا شك أنه لا يحضره أحد أو يحضره النادر، وإذا تكرر ذلك منه كثيراً لا ينظر إليه أحد ولا يستغرب منه ذلك، فكذلك المهدي (عليه السلام) لما كان بقاء مثله زمناً طويلاً قليل يستغربه الناس، ولو نظروا إلى تكرر وقوعه في الأعصار السابقة يرتفع الإستغراب.(15)

وأقول:
أنه في زماننا ونحن بدمشق جاء خبر بأن طيارة عثمانية تريد المجيء إلى دمشق ولم تكن الناس رأت الطائرات، فلم يبق بدمشق أحد إلا خرج للنظر إليها، فلما جاءت ثانياً وثالثاً قل المتفرجون إلى أن صارت الطائرات اليوم بمنزلة الطيور لا ينظر إليها أحد ولا يستغرب أمرها.

الشبهة الثانية:
ما هو سبب الغيبة؟ وما الذي يحسّنها مع حاجة الناس إلى ظهوره، وما الوجه في غيبته على الإستمرار حتى صار ذلك سبباً لإنكار ولادته؟

والجواب:
أنه بعد ما ثبت بالأدلة القاطعة التي تقدمت الإشارة إلى بعضها وجوب نصب الإمام، وانحصار الأئمة في الأثني عشر ومنهم صاحب الزمان (عليه السلام)، ورأيناه غائباً عن الأبصار، علمنا أنه لم يغب مع عصمته إلا لسبب اقتضى ذلك وضرورة قادت إليه، ولا يلزمنا معرفة ذلك على التفصيل، وجرى ذلك مجرى ما لا نعلم بمراد الله فيه من الآيات المتشابهة في القرآن التي ظاهرها الجبر أو التشبيه، مثل (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(16)
(وَجاءَ رَبُّكَ)(17) وأمثال ذلك، فإذا علمنا باستحالة الجبر والجسمية عليه تعالى، وعلمنا أنه لا يجوز أن يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات، علمنا أن لهذه الآيات وجوها صحيحة بخلاف ظواهرها توافق أدلة العقل وإن لم نعلمها تفصيلاً.
وكذلك ما غاب عنا وجه المصلحة فيه من إيلام الأطفال والطواف بالبيت ورمي الجمار وما أشبه ذلك من العبادات، فإذا علمنا أنه تعالى لا يفعل قبيحاً ولا يأمر بالعبث فلا بد من مصلحة في ذلك، وإن جهلنا تفصيلها مع أن السبب في الغيبة ظاهر وهو الخوف على النفس، ولو كان على ما دون النفس لوجب الظهور والتحمل.

فإن قيل:
الأئمة قبله كانوا يخافون على أنفسهم وبعضهم قتل غيلة بالسم وبعضهم بالسيف وقد أظهروا أنفسهم، وكثير من الأنبياء أظهروا دعوتهم وإن أدت إلى قتلهم.
قلنا:
يمكن أن يكون الفارق أن غيره من الأئمة (عليهم السلام) لهم من يقوم مقامهم، وهو ليس بعده إمام يقوم مقامه وكذلك الأنبياء، وإن خوفه كان أكثر لإخبار آبائه (عليهم السلام) بأن صاحب السيف من الأئمة الذي يملأ الأرض عدلاً هو الثاني عشر، وشاع ذلك عنهم حتى بين أعدائهم، فكان الملوك يتوقفون عن قتل آبائه لعلمهم أنهم لا يخرجون بالسيف ويتشوفون إلى حصول الثاني عشر ليقتلوه. ألا ترى أنه لما توفي الحسن العسكري (عليه السلام) وكّل السلطان بحرمه وجواريه من يتفقد حملهنّ ليقتل ولده كما فعل فرعون ونمرود لما علما أن زوال ملكهما على يد موسى وابراهيم (عليهما السلام) فوكلا من يتفقد الحبالى ويقتل الأطفال وفرقا بين النساء والأزواج، فستر الله ولادتهما كما ستر ولادة المهدي لما علم في ذلك من الحكمة والتدبير.
مع أن حكمة الله في ذلك لا تجب معرفتها على التفصيل كما قدمنا، ويجوز إختلاف تكليفه مع تكاليفهم لاختلاف المصالح باختلاف الأزمان، كما كان تكليف أمير المؤمنين مرة السكوت ومرة الجهاد بالسيف، وتكليف الحسن الصلح، وتكليف الحسين الخروج، وتكليف باقي الأئمة السكوت والتقية صلوات الله عليهم أجمعين.

الشبهة الثالثة:
لمَِ لم يحرسه الله تعالى من الأعداء ويظهره؟ فهل تضيق قدرته عن ذلك؟

والجواب:
أن الله تعالى قادر على كل شيء، وقد حفظ إمام الزمان ومنعه بكل ما لا يوجب الجبر والإلجاء، أما ما يوجب الجبر والإلجاء فلا يجب أن يفعله الله تعالى، وإذا كان هناك تكليف لا يجوز الإجبار لأن شرط التكليف القدرة، وبالإجبار ترتفع.

الشبهة الرابعة:
كيف يمكن أن يكون شخص حي بجسمه الحيواني موجوداً في سرداب يرى الناس ولا يرونه؟ ومن الذي يأتيه بطعامه وشرابه ويقوم بحوائجه؟

والجواب:
أن هذا جهل ممن يرى أن الشيعة تعتقد وجود المهدي في سرداب بسر من رأى يرى الناس ولا يرونه، فإن ذلك لا أصل له ولا يعتقده ذو معرفة من الشيعة، بل الشيعة تعتقد بوجود المهدي حياً في هذه الدنيا يرى الناس ويرونه ولا يعرفونه. وقد رفع مولانا الصادق (عليه السلام) في الأحاديث السابقة المروية عنه في المهدي (عليه السلام) استبعاد ذلك بأن أخوة يوسف تاجروه وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته فلم يعرفوه، قال (عليه السلام): وما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف، أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز وجل أن يعرّفهم نفسه كما أذن ليوسف. (19)
وفي رواية عن الصادق (عليه السلام): إن في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء... إلى أن قال: وأما سنته من يوسف فالستر، جعل الله بينه وبين الخلق حجاباً يرونه ولا يعرفونه.(20)

وقد نشأت شبهة أن الشيعة يعتقدون بوجود المهدي في سرداب بسر من رأى من زيارتهم لذلك السرداب وتبركهم به وصلاتهم فيه وزيارة المهدي (عليه السلام) فيه، فتوهموا أنهم يقولون بوجوده في السرداب، وتقوّل بعضهم عليهم بأنهم يأتون في كل جمعة بالسلاح والخيول إلى باب السرداب ويصرخون وينادون يا مولانا أخرج إلينا، وقال إن ذلك بالحلة، ثم شنع عليهم تشنيعاً عظيماً ونسبهم إلى السخف وسفاهة العقل.(21) وهذا ليس بعجيب من تقوّلاتهم الكثيرة على الشيعة بالباطل، وهذا الذي زعمه هذا القائل لم نره ولم نسمع به سامع من غيره، وإنما أخذه قائله من أفواه المتقوّلين، أو افتراه من نفسه حتى أنه لم يفهم أن السرداب بسامراء لا بالحلة.

وسبب زيارة الشيعة لذلك السرداب وتبركهم به أنه سرداب الدار التي كان يسكنها الإمامان علي بن محمد الهادي وابنه الحسن بن علي العسكري وابنه الإمام المهدي (عليهم السلام) وتشرف بسكناهم له، وقد رويت للإمام المهدي (عليه السلام) فيه معجزة يأتي نقلها فيما نقلناه عن عبد الرحمن الجامي، ورويت عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فيه زيارة للمهدي (عليه السلام)، فلذلك يزورونه فيه بتلك الزيارة، ورويت فيه أدعيه وصلوات يفعلونها فيه.


الشبهة الخامسة:
ما الفائدة في إمام غائب عن الأبصار لا ينتفع به الناس في زمان غيبته؟ والإمام إنما نصب لينتفع به الناس، ويرجعون إليه في الأحكام، وينصف المظلوم من الظالم.

والجواب:
أنّا لا نسلّم عدم الفائدة في وجوده مع غيبته، قال الشيخ (رحمه الله): في تلخيص الشافي: ينتفع به في حال غيبته جميع شيعته والقائلين بإمامته وينزجرون بمكانه وهيبته عن القبائح، فهو لطف لهم في حال الغيبة كما يكون لطفاً في حال الظهور، وهم أيضاً منتفعون به من وجه آخر لأنه يحفظ عليهم الشرع وبمكانه يتيقنون بأنه لم يكتم من الشرع، ما لم يصل إليهم، وإلى ذلك يشير بعض علمائنا رضوان الله عليهم بقوله: وجوده لطف، وتصرفه لطف آخر، وغيبته مناً.(23) ومن أين لنا الجزم بأنه لا يتصرف في مصالح العباد الدينية والدنيوية من حيث لا يعرفونه، وقد جاء في الأخبار أنه في حال غيبته كالشمس يسترها السحاب.(24) أي فكما أن للشمس المستورة بالسحاب منافع وفوائد في الكون، فكذلك لصاحب الزمان مع استتاره فوائد ومنافع في الكون وإن خفي علينا بعضها أو جلها ولم نعلمها على التفصيل.

نعم جميع الفوائد التي نصّب لأجلها لا تكون حاصلة، وهذا لا يضر، لأن السبب في ذلك هم العباد بإخافتهم له التي أوجبت استتاره، بل لو فرض محالاً عدم الفائدة في وجوده حال استتاره، لم يكن في ذلك قبح بعد أن كان سبب استتاره من خوف الظالمين.

الشبهة السادسة:
إذا جاز أن يستتر للخوف من الناس بحيث لا يصل إليه أحد وتفوتهم منافع وجوده، جاز أن يكون معدوماً، أو أن يموت حتى إذا علم الله أن الرعية تمكنه أوجده أو أحياه كما جاز أن يبـيحه الاستتار حتى إذا علم منهم التمكين أظهره.

والجواب:

أولاّ:
إنّا لا نقطع أنه لا يصل إليه أحد، فهذا أمر غير معلوم ولا سبيل إلى القطع به. هكذا ذكر الطبرسي في إعلام الورى
. (25) ولكن وردت أخبار دالّة على عدم إمكان الرؤية بعد الغيبة الصغرى، أي في الغيبة الكبرى، فإن عملنا بها فلا مساغ لهذا الجواب، وبعضهم أوّلها بأن المراد نفي الرؤية بحيث يعلمه بعينه ويقطع بأنه هو هو حال رؤيته، أو بغير ذلك من الوجوه كما يأتي.

وثانياً:
أنه لا يجوز أن يكون معدوماً، للأدلة القاطعة العقلية والنقلية التي دلت على عدم جواز خلو العصر من إمام، فعلى الله تعالى أن ينصب للناس إماما تتم به الحجة وينقطع العذر، فإذا فاتهم الإنتفاع به بسبب منهم لم يقدح ذلك في تمام الحجة، بل تكون لازمة لهم، لأنه إذا أخيف فغيِّب شخصه منهم كان فوات المصلحة منسوباً إليهم فيلزمهم اللوم والذم والمؤاخذة عليه، ولا يجوز أن لا ينصب لهم إماماً ولو علم أنه لو نصبه لهم لأخافوه أو قتلوه، لأن الحجة عليهم لا تتم بدون نصبه، بل تكون الحجة فيما فات من مصالح العباد لازمة له تعالى، لأن ما فاتهم من المصالح يكون منسوباً إليه تعالى ولا يجوز أن يسببوا فعلاً لله تعالى ولله الحجة البالغة، هذا مع قطع النظر عن أن في وجوده في حال غيبته منافع ليست في حال عدمه، وهي ما أشرنا إليها في جواب الشبهة الخامسة.

الشبهة السابعة:
لو كان موجوداً لوجب أن يظهر لوجود الداعي إلى ظهوره وهو انتشار الفساد، وضعف الدين، وتعطيل الأحكام والحدود، وشيوع الظلم والجور، وهو إنما يظهر ليملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

والجواب:
إذا كانت غيبته بأمر الله تعالى فظهوره لا يكون إلا بأمر الله تعالى، ولا نقدر أن نحيط بالعلة التي توجب ظهوره ولا بالحكمة التي تقتضي أمر الباري تعالى له بالظهور، فإن ذلك لا يطّلع عليه إلا علاّم الغيوب، فعلى قول من يقول أن أفعال الباري تعالى لا تعلل بالعلل والاغراض فالأمر واضح، إذ ليس لنا أن نسأل عن عدم ظهوره ولا عن علة ظهوره، وعلى قول أصحابنا بأن أفعاله تعالى معللة بالعلل والأغراض لا يمكننا الإحاطة بتلك العلل وأمرها موكول إليه تعالى.

وقد كان يوسف (عليه السلام) وهو نبي ابن نبي معصوم لا يصدر إلا عن أمر ربه بينه وبين أبيه يعقوب (عليه السلام) مسافة غير كثيرة البعد وهو حزين عليه حتى ذهب بصره وهو قادر على أن يخبره بمكانه، فلم يفعل حتى أذن له الله تعالى في ذلك، ولم يكن تركه لإعلام أبيه (عليهما السلام) مع تلك الحالة التي وصفناها إلا عن أمر الله تعالى لحكمة اقتضت ذلك، وهذا كما أن الله تعالى لم يبعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة إلا بعد أربعين من عمره مع انتشار الكفر والفساد وعبادة الأوثان والإلحاد. وليس لأحد أن يقول لم أخّر بعثته إلى الأربعين ولم يبعثه قبل ذلك مع وجود المقتضي لبعثه، لأن ذلك معارضة للحكيم فيما لا يطلع عليه ولا يعلم حكمته غيره، مع أنه إذا جاز أن يؤخر الله تعالى خلقه مع وجود الظلم جاز أن يؤخر ظهوره مع وجوده، على أن الوارد أنه لا يظهر حتى تمتلئ ظلماً وجوراً، ولم يحن بعدُ ذلك الزمان.

الشبهة الثامنة:
إذا كان الخوف هو المانع له عن الظهور وكان يخاف من أعدائه فلِمَ لا يظهر لشيعته وأوليائه يرشدهم إلى ما لا يعلمون؟

والجواب:
أنه بعد ما قامت الأدلة القاطعة على وجوده وعصمته فلا يمكن الإعتراض والسؤال لِمَ فعل كذا؟ ولم يفعل كذا؟ لأنا نعلم أنه لا يصدر إلا عن أمر ربه، ولا يتجاوز ما حدد له، وقد أجيب عن ذلك بوجوه:

أحدها:
أن سبب عدم ظهوره لأوليائه الخوف من انتشار خبره وظهور أمره باذاعة من يظهر لهم.
ثانيها:
أن غيبته عن أعدائه للخوف منهم، وعن أوليائه للخوف عليهم، فإذا ظهر لهم ذاع خبره وطولبوا به.
ثالثها:
وهو الذي عوّل عليه المرتضى قال:
أولاً:
لا نقطع أنه لا يظهر لجميع أوليائه، فإن هذا أمر مغيّب عنا ولا يعرف كل منا إلا حال نفسه.
ثانياً:
نقول في علة غيبته عنهم أنه إنما يميز شخصه بالمعجز الذي يظهر على يديه والشبه تدخل في ذلك، فلا يمتنع أن يكون كل من لم يظهر له من أوليائه هو المعلوم من حاله أنه متى ظهر له قصر في النظر في معجزه ولحق بهذا التقصير بمن يخاف منه من الأعداء.

أقول:
إن الأخبار قد جاءت بظهوره لأوليائه وثقاته في الغيبة الصغرى مدة أربع وسبعين سنة كما مر، أما بعدها فقد تقدم بعض الأخبار الدالة على عدم إمكان رؤيته وتكذيب من يدعي ذلك، وسواء قلنا بذلك أو قلنا بإمكان الرؤية في الغيبة الكبرى وحملنا ما يدل على العدم على بعض الوجوه مثل إرادة نفي الرؤية التي يعرفه فيها بعينه وشخصه يمكن أن نقول: أن سبب عدم ظهوره لأوليائه هو بعض الوجوه المتقدمة، والله أعلم.

الشبهة التاسعة:
الحدود التي تجب على الجناة في حال الغيبة إن قلتم بسقوطها صرحتم بنسخ الشريعة، وإن كانت ثابتة فمن الذي يقيمها والإمام مستتر غائب؟

والجواب:
أن الحدود ثابتة على مستحقيها وغير ساقطة، والإثم في تفويت إقامتها على المخيفين للإمام المحوجين له إلى الغيبة، فحالها في زمن الغيبة عندنا حالها في زمن عدم تمكن أهل الحل والعقد من اختيار الإمام عندكم، فما أجبتم به فهو جوابنا، ثم أن الشبهة لا تختص بحال الغيبة، بل تجري في حال وجود الأئمة وعدم تمكنهم، والجواب في الحالين واحد.

الشبهة العاشرة:
إن قلتم إن الحق مع غيبته لا يدرك ولا يوصل إليه، فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة. وإن قلتم: يدرك من جهة الأدلة المنصوبة عليه، فقد صرحتم بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلة، وهذا خلاف مذهبكم.

والجواب:
إن الحق قسمان عقلي وسمعي، فالعقلي يدرك بالعقل ولا يؤثر وجود الإمام ولا فقده: والسمعي عليه أدلة منصوصة من أقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقوال الأئمة الصادقين (عليهم السلام)، ولكن الحاجة مع ذلك إلى الإمام ثابتة في كل عصر وعلى كل حال:

أولاً:
لكونه لطفاً لنا في فعل الواجب العقلي من الإنصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي، وهذا مما لا يقوم غيره مقامه فيه.

وثانياً:
أن النقل الوارد عن النبي والأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام يجوز أن يتركه الناقلون تعمداً أو اشتباهاً، أو يوجد ممن ليس نقله حجة فيحتاج إلى الإمام ليبـين الحق.

الشبهة الحادية عشرة:
الإجماع قائم على أنه لا نبي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنتم زعمتم أن المهدي إذا ظهر لا يقبل الجزية ويقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين، ويأمر بهدم المساجد والمشاهد، ويحكم بحكم داود ولا يسأل عن بينة، وأشباه ذلك. وهذا نسخ للشريعة، فقد أثبتم معنى النبوة وإن لم تتلفظوا باسمها.

والجواب:
ما ذكره الطبرسي في إعلام الورى، قال: إنّا لا نعرف ما تضمنه السؤال من أنه لا يقبل الجزية ويقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه، فإن كان ورد بذلك خبر فهو غير مقطوع به.

أما هدم المساجد والمشاهد (فما سمعناه)(29) ويجوز أن يختص بما بني على غير تقوى الله وعلى خلاف ما أمر به وهذا مشروع قد فعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومنه مسجد الضرار.

وأما حكمه بحكم داود لا يسأل عن بينة فهذا أيضا غير مقطوع به، وإن صح فتأويله أنه يحكم بعلمه فيما يعلمه، وللإمام والحاكم أن يحكم بعلمه ولا يسأل البينة، على أن ما ذكروه من عدم قبول الجزية وعدم سؤال البينة لو صح لم يكن نسخاً لأن النسخ هو ما تأخر دليله عن الحكم المنسوخ، أما إذا اصطحب الدليلان فلا يكون أحدهما ناسخاً للآخر وإن خالفه في الحكم، ولذلك اتفقنا على أنه لو قال الزموا السبت إلى وقت كذا ثم لا تلزموه لم يكن نسخا.(30)

وفي البحار روى الحسين بن مسعود في شرح السنة بإسناده عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (والذي نفسي بيده ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلاً، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية فيفيض المال حتى لا يقبله أحد). ثم قال: قوله يكسر الصليب يريد إبطال النصرانية ويحكم بشرع الإسلام، ومعنى قتل الخنزير تحريم اقتنائه وأكله وإباحة قتله. وقوله: يضع الجزية معناه يضعها عن أهل الكتاب ويحملهم على الإسلام، فقد روى أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في نزول عيسى: (ويهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون). وقيل: معنى الجزية أن المال يكثر حتى لا يوجد محتاج ممن يوضع فيهم الجزية، يدل عليه قوله: فيفيض المال حتى لا يقبله أحد.

وروى البخاري بإسناده عن أبي هريرة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كيف انتم إذا نزل ابن مريم فيكم(31) وإمامكم منكم). وهذا حديث متفق على صحته،
قال في البخاري: وقد أورد هو وغيره أخباراً أخر في ذلك، فظهر أن هذه الأمور المنقولة من سير القائم (عليه السلام) لا تختص بنا، بل أوردها مخالفونا ونسبوها إلى عيسى (عليه السلام)، لكن قد رووا أن إمامكم منكم، فما كان جوابهم فهو جوابنا، والشبهة مشتركة بينهم وبيننا، (32)

++++++++++++++++++++++++++
[/align]

[align=center]الهوامش ومصادر البحث:

(1) العنكبوت: 14.
(2) البحار للمجلسي، ج11: 290.
(3)إعلام الورى للطبرسي،ج2: 305، كشف الغمة للأربلي،ج3: 352، تفسير القرطبي، ج13: 333.
(4) إعلام الورى للطبرسي، ج2: 305.
(5) انظر قوله تعالى: (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ...) النساء: 157 و158.
(6) كما سيأتي.
(7) ورد الحديث بألفاظ مختلفة، راجع سنن الترمذي، ج4: 135، ح2779، المستدرك للحاكم، ج1: 129، كنز العمال، ج11: 230، ح31335، كمال الدين للصدوق: 576.
(9)انظر قوله تعالى(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ.) سورة ص: 79 و80.
(10) انظر قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ...) الكهف: 18، وقوله تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) الكهف: 25.

(11) أنظر قوله تعالى: (فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ...) البقرة: 259.

(12) انظر مثلاً قوله تعالى في أهل الجنة: (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَْنْهارُ خالِدِينَ فِيها...) آل عمران: 15، وقوله تعالى في أهل النار: (خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ...) آل عمران: 88.

(13) عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال: (...ألا أنهم شباب لا يهرمون، وأصحاء لا يسقمون، وأغنياء لا يفقرون، وفرحون لا يحزنون، وأحياء لا يموتون...) الكافي للكليني، ج2: 598، ح1.

(14) قصيدة وشرحها لسيدنا المعاصر السيد محسن الأمين... طبع في صيدا سنة 1333 في (108 صفحة) وهو ردّ على القصيدة البغدادية المرسلة إلى علماء النجف، وقد أجاب عنها جمع كثير منهم نظماً ونثراً التي مطلعها:
ايا علماء العصر يا من لهم خبر *** بكل دقيق حار في مثله الفكر...
الذريعة/ آقا بزرك الطهراني: 3/ 90.

(15) كشف المحجة لابن طاووس: 55.
(16) طه: 5.
(17) الفجر: 22.
(19) الكافي للكليني، ج1: 336، باب في الغيبة، ح4.
(20) كمال الدين للصدوق: 351، باب 33، ح46.
(21) من هؤلاء إبن تيمية في كتابه منهاج السنة، ج1: 45، وابن خلدون في المقدمة، ج1: 199، فراجع.
(23) كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد للعلامة الحلي: 184 تحقيق السبحاني.
(24) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (...والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب...) كمال الدين للصدوق: 253، ح2 باب 23.

(25) إعلام الورى للطبرسي، ج2: 300.
(29) ليس في المصدر.
(30) إعلام الورى للطبرسي ج2: 310.
(31) من المصدر.
(32) بحار الأنوار للمجلسي ج52: 382، ح193 ط: بيروت/ 1403 هـ، وأما ما رواه عن البخاري، فراجع صحيحه، ج4: 143.